فسار نور الدّين حينئذ إلى دمشق ، وكان قد كاتب أهلها واستمالهم ، وكان النّاس يميلون إليه ، لما هو عليه من العدل والديّانة والاحسان ، فوعدوه بالتّسليم إليه.
فلمّا حصر دمشق أرسل مجير الدّين إلى الفرنج يبذل لهم الأموال وتسليم قلعة بعلبكّ إليهم ، لينجدوه ويرحلوا نور الدّين عنه ، فشرعوا في جمع فارسهم وراجلهم لذلك.
فتسلّم نور الدّين دمشق ، وخرج الفرنج وقد قضي الأمر فعادوا خائبين ، وسلّمها إليه أهلها من باب شرقي ، والتجأ مجير الدّين إلى القلعة ، فراسله وبذل له عوضا عنها حمص ، وغيرها ؛ فسلّمها إليه وسار إلى حمص ، ثم إنّه راسل أهل دمشق ، فعلم نور الدّين ، فخاف منه ، فأخذ منه حمص ، وعوّضه ببالس ، فلم يرض بذلك ، وسار إلى بغداد فمات بها.
وسار نور الدّين إلى حارم ، وهي لبيمند صاحب أنطاكية ، وحصرها في سنة إحدى وخمسين ، وضيّق على أهلها ، فتجمّع الفرنج وعزموا على قصده فأرسل والي حارم إلى الفرنج ، وقال : «لا تلتقوه فإنّه إن هزمكم أخذ حارم وغيرها ، ونحن في قوّة والرأي مطاولته» ، فأرسلوا إلى نور الدّين ، وصالحوه على أن يعطوه نصف أعمال حارم ، ورجع نور الدّين إلى حلب.
ووقعت الزّلازل في شهر رجب في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ، بالشّام ، فخربت حماة ، وشيزر ، وكفرطاب ، وأفامية ، ومعرّة النعمان ،