وترك أولاده بالقعلة بحرّان فتسلّمها ، وأخرجهم منها ، وسلّمها إلى زين الدين على كوچك ، نائب أخيه ، قطب الدّين.
ثمّ سار إلى الرقّة وبها أولاد أميرك الجاندار ، وقد مات أبوهم ، فشفع إليه بعض الأمراء في إبقائها عليهم ، فغضب ، قال : «هلّا شفعتم في أولاد أخي لمّا أخذت منهم حرّان ، وكانت الشّفاعة فيهم من أحب الأشياء إليّ» ؛ وأخذها منهم.
وخرج مجد الدّين بن الدّاية من حلب إلى الغزاة ، في شهر رجب من سنة خمس وخمسين ، فلقي جوسلين بن جوسلين ، فكسره ، وأخذه أسيرا ، ودخل به إلى قلعة حلب.
ثمّ إنّ الفرنج أغاروا على بلد عيّن تاب ، فأخذوا التّركمان ، ونهبوا أغنامهم ، وعادوا يريدون أنطاكية ، فخرج إليهم مجد الدّين ، ولقيهم بالجومة (١) ، وكسرهم ، وقتل منهم خلقا عظيما ، وأسر البرنس الثّاني وخلقا معه ، ودخل بهم إلى حلب في مستهل ذي الحجة من سنة ست وخمسين وخمسمائة.
وفي سنة سبع ، ولى نور الدّين كمال الدّين أبا الفضل محمّد بن الشّهرزوري قضاء ممالكه كلّها ؛ وأمر القضاة ببلاده أن يكتبوا في الكتب بالنّيابة عنه ، وكان قد حلف له على ذلك وعاهده عليه ، وكان ذلك بدمشق
__________________
(١) الجومة : من نواحي حلب. معجم البلدان.