في السّنة المذكورة ، فامتنع زكيّ الدّين قاضي دمشق ، فعزل ؛ وكتب إلى جدّي أبي الفضل بحلب ، فامتنع أيضا.
ووصل نور الدّين ومعه مجد الدّين بن الدّاية ، واستدعاه نور الدّين إلى القلعة ، وقال : «كنّا قد عاهدنا كمال الدّين ، وحلفنا له على هذا الأمر ، وما أنت إلّا نائبي ، وله اسم قضاء البلاد لا غير» فامتنع وقال : «لا أنوب عن مكانين». فولّى قضاء حلب محيي الدّين أبا حامد بن كمال الدّين ، وأبا المفاخر عبد الغفور بن لقمان الكردي ؛ وذلك بإشارة مجد الدّين لوحشة كانت بينه وبين جدّي.
ثمّ إنّ نور الدّين جمع العساكر بحلب ، في سنة سبع ، وسار إلى حارم ، وقاتلها ، فجمع الفرنج جموعهم ، وساروا إليه. فطلب منهم المصاف فلم يجيبوه ، وتلطّفوا معه حتّى عاد إلى حلب.
ثمّ جمع العساكر في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، ودخل إلى بلاد الفرنج ، ونزل في البقيعة تحت حصن الأكراد محاصرا له ، وعازما على أن يقصد طرابلس.
فاجتمع الفرنج ، وخرج معهم الدّوقس الرّومي ، وكان قد خرج في جمع كثير من الرّوم ، واتّفق رأيهم على كبسة المسلمين نهارا ، فإنّهم يكونون آمنين ، فركبوا لوقتهم ولم يتوقفوا ، وساروا مجدين إلى أن قربوا من يزك (١)
__________________
(١) اليزك : الحرس المتقدم أو الطلائع.