العاضد ، ولم يعلم بقطع الخطبة ، وقيل : إنّه علم قبل موته ؛ وكان ذلك في سنة سبع وستّين وخمسمائة.
وفي هذه السّنة تتبّع نور الدّين رسوم المظالم والمؤن في جميع البلاد الّتي بيده ، فأزالها وعفى رسومها ومحا آثار المنكرات والفواحش ، بعد ما كان أطلق من ذلك في تواريخ متقدّمة ، وكان مبلغ ما أطلقه أوّلا وثانيا خمسمائة ألف وستّة وثمانين ألفا وأربعمائة وستّين دينارا.
وكان رأى وزيره موفّق الدّين خالد بن القيسراني في المنام كأنّه يفصل ثياب نور الدين ، ففسّر ذلك عليه ، ففكّر في ذلك ولم يردّ عليه جوابا ، فخجل وزيره وبقي أيّاما واستدعاه ، وقال : «تعال يا خالد ، اغسل ثيابي» ؛ وأمره فكتب توقيعا بازالة ما ذكرناه.
وسار الملك النّاصر من مصر غازيا ، فنازل حصن الشّوبك وحصره ، فطلبوا الأمان واستمهلوه عشرة أيّام ، فلمّا سمع نور الدّين بذلك سار عن دمشق ، فدخل بلاد الفرنج من الجهة الأخرى ، فقيل للملك الناصر : «إن دخل نور الدين من جانب وأنت من هذا الجانب ملك بلاد الفرنج ، فلا يبقى لك معه بديار مصر مقام ، وإن جاء وأنت ههنا فلا بدّ لك من الاجتماع به ، ويبقى هو المتحكم فيك بما شاء ؛ والمصلحة الرّجوع إلى مصر».
فرحل عن الشّوبك إلى مصر ، وكتب إلى نور الدّين يعتذر باختلال أمور الدّيار المصريّة وأنّ شيعتها عزموا على الوثوب بها ، فلم يقبل نور الدّين