وقد وقع اتفاق الأمة على أن المسلم إن عمل عملا أو قال قولا يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجها ، ثم هو يحتمل الإيمان من وجه واحد فقد وجب الأخذ بهذا الوجه الإيماني الوحيد ، فضلا من الله ونعمة ، وعلما صحيحا ، موثقا أكيدا.
(٢)
أمّا قوله تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ،) فالمراد إما أنهم منافقون يظهرون الإيمان ويخفون الشرك ، وإما أنهم يجمعون مع الإيمان بالله الإيمان بما كانوا عليه من عبادة الأوثان ، تلفيقا بين الأمرين ، وانتفاعا ـ في رأيهم ـ بالناحيتين ، كما قال القرآن على ألسنتهم : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ.)
وليس كذلك أحد من المسلمين بحمد الله ، فلا يجوز إطلاقا تطبيق آية نزلت في أعداء الله على أوليائه ، فذلك كما قال البخاري وغيره كان شأن (الخوارج) وأمثالهم ممن يستحلون دماء المسلمين ويلتمسون لذلك أدنى شبهة أو تأويل.
(٣)
وأكرر أنه ليس من حق فرد ولا جماعة ، مهما بلغ شأنه أو شأنها ، أن تخرج مسلما من حظيرة أهل القبلة بخطيئة أو معصية ، حتّى لو ارتكب الكبائر كلها ، فهو معصوم العقيدة والدم بقول : «لا إلا الله» كما ثبت في صحيح الأحاديث ، راجع كتابنا (أهل القبلة).
ثم إن «حق لا إله إلا الله» الذي جاء في الاستثناء في بعض روايات