الثاني : إن ما نقله عمر لأحد بني الحقيق ، لم يكن هو المستند لإخراجهم ، بل صرح عمر بأن ذلك كان لرأي رآه بسبب ما فعلوه بولده .. كما أن إخبار النبي هذا ليس فيه ما يدل على أنهم يخرجون بحق أو بغير حق ، ولا يفيد تأييد هذا الإخراج ولا تفنيده ، ولعل لأجل ذلك لم يستطع أن يستند إليه الخليفة في تبرير ما يقدم عليه.
د : وفي بعض المصادر : أضاف إلى ما صنعوه بابن عمر ، أنهم غشوا المسلمين (١).
ولا ندري إن كان يقصد : أن غشهم هذا كان بفعل مستقل منهم ، أم أن ما فعلوه بابن عمر هو الدليل لهذا الغش؟!
قال دحلان : «استمروا على ذلك إلى خلافة عمر (رض) ، ووقعت منهم خيانة وغدر لبعض المسلمين ، فأجلاهم إلى الشام ، بعد أن استشار الصحابة (رض) في ذلك» (٢).
وعبارة دحلان هذه ، ظاهرة في أن المقصود بخيانتهم وغدرهم : هو نفس ما صدر منهم في حق بعض المسلمين ، وهو ابن عمر بالذات ، ولا ندري لماذا لم يصرح باسمه ونسبه هنا؟!.
ه : ومما يدل على أن إجلاءهم كان رأيا من الخليفة الثاني ، ما رواه أبو داود وغيره ، عن ابن عمر ، عن عمر ، أنه قال :
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٠٠ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٣٥٢ وفتح الباري ج ٥ ص ٢٤٠ وعمدة القاري ج ١٣ ص ٣٠٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٧٩.
(٢) السيرة النبوية ج ٣ ص ٦١.