الذهب ، مظهرين بذلك تجلدا» (١).
ولقد كان هذا أمرا متوقعا من فئة لم تزل موضع احترام وتبجيل من اليهود ، ولا تريد أن تعترف بالهزيمة ، وبكسر شوكتها ، وذهاب عزها ، وأفول نجمها.
وقد بلغ هذا العز والمنعة : أن المسلمين ما ظنوا أن يخرجوا من ديارهم ، كما صرحت به الآية الكريمة.
وعدا عن ذلك ، فقد كان بنو النضير أهل جبروت وقسوة وبغي ، وعنجهية ، واعتداد بالنفس ، حتى إنهم ليظلمون إخوانهم من بني قريظة ، وهم أيضا من بني هارون ، ظلما فاحشا ومخالفا لأحكام التوراة الصريحة ، وحتى لأحكام أهل الجاهلية أيضا.
ثم لا يوجد بينهم من يأنف من هذا الظلم ويمنع منه ، أو يندد به ، ويرفضه ، لا من رؤسائهم ، ولا ممن هم دونهم ، من عقلائهم وأهل الدين منهم.
هذا باختصار حال بني النضير في قومهم.
أما حال بني المغيرة في قريش ، فإنها أيضا تشبه حالة هؤلاء إلى حد كبير.
فقد كان بنو المغيرة ، من بني مخزوم ، وكان العدد والشرف والبيت فيهم (٢) ، وكانت قريش ـ فيما زعموا ـ تؤرخ بموت هشام بن المغيرة (٣) ، الذي أثنى عليه الكثيرون ، وكذا الحارث بن هشام فإنه منهم ، وهو موضع الثناء
__________________
(١) التنبيه والإشراف ص ٢١٣.
(٢) نسب قريش لمصعب ص ٢٩٩.
(٣) نسب قريش ص ٣٠١ وراجع : شرح النهج للمعتزلي الشافعي ج ١٨ ص ٣٠٠ و ٢٨٦.