ابن ملحان الأنصاري سمعه يقول : فزت والله ، تحير في فهم مغزى كلامه ، فقال في نفسه : ما فاز؟ أليس قد قتلت الرجل؟!
ثم يسأل عن هذا الأمر بعد ذلك ، فأخبروه : أنه الشهادة ، فقال : فاز لعمرو الله. وكان ذلك سبب إسلامه.
ونحن بدورنا ليس لدينا ما يثبت أو ينفي هذه الرواية ، ولكننا نعلم : أن أمير المؤمنين «عليهالسلام» حينما ضربه ابن ملجم على رأسه في مسجد الكوفة ، قال : فزت ورب الكعبة (١).
ونقول : إن تحير ذلك المشرك ، وقول أمير المؤمنين «عليهالسلام» وذلك المسلم لهذه الكلمة طبيعي جدا.
فإن من يفهم الأمور فهما دنيويا ومصلحيا بحتا ، يقيس الربح والخسران بمقاييس المادة والماديات وحسب. فلا يمكنه أن يفهم الموت إلا على أنه ضياع وخيبة ؛ لأنه يراه عدما وفناء ، وخسارة وجود ، ونهاية حياة.
أما الإنسان المسلم القرآني ؛ فهو يرى في الموت أمرا آخر ، ومعنى يختلف كليا عن هذا المعنى ، وذلك من خلال التعليم القرآني ، الذي هو المصدر الأصفى ، والأدق والأوفى ، ثم التربية النبوية الرائدة ، وتوجيهات الأئمة والأوصياء «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».
ولا نريد أن نفيض في ذكر الآيات والروايات التي تعرضت لحقيقة
__________________
(١) ترجمة الإمام علي «عليهالسلام» من تاريخ دمشق ج ٣ ص ٣٠٣ تحقيق المحمودي ومقتل أمير المؤمنين «عليهالسلام» لابن أبي الدنيا ، مطبوع في مجلة تراثنا السنة الثالثة عدد ٣ ص ٩٦.