كما أنها صرحت : بأن الموت مخلوق لله سبحانه ، كما أن الحياة مخلوقة له تعالى.
إذا فللموت دوره كما هو للحياة ، وليس هو مجرد فناء وعدم ، يظهر معناه ومغزاه من خلال ظهور المعنى المقابل له.
ثم صرحت الآية : بأن السر في خلق هذين العنصرين هو وضع الإنسان على المحك في سوقه نحو الأفضل والأحسن ، والأكمل ، الأمر الذي يفيد : أن لهما دورا في بناء شخصية الإنسان وتكامله.
وذلك يعني : أنهما مرحلتان يتجاوزهما الإنسان ، ولا يتوقف عندهما في مسيرته الظافرة نحو الحياة الحقيقية (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) (١) ، حيث إن بها يبلغ الإنسان مرحلة كماله ، وفيها تتساقط الحجب المادية المانعة من الإحساس بالأمور إحساسا واقعيا وحقيقيا وعميقا.
ب : إن الكلمة المروية عن الإمام الحسين «عليهالسلام» قد اعتبرت أن الموت بمثابة قلادة على جيد الفتاة ، ومعنى ذلك هو : أن الموت هو زينة للحياة ويزيد في بهجتها ، ويعطيها رونقا ، وبهاء وجمالا ، وبدونه تكون باهتة خافتة تماما كما هو الحال بالنسبة للقلادة التي تزيد في بهجة وبهاء وجمال الفتاة ، وتوجب انشداد الأنظار إليها ، وتعلق النفوس بها.
ولأجل هذا المعنى جعلها على جيد «فتاة» وليس «المرأة». فإن الفتاة هي التي تميل إليها نفوس الطالبين ، وتكون موضعا لتنافس المتنافسين.
كما أننا نلاحظ : أنه لم يستعمل كلمة «عنق» هنا وإنما اختار كلمة
__________________
(١) الآية ٦٤ من سورة العنكبوت.