ج : إن ما فعله الرسول الأكرم «صلىاللهعليهوآله» قد أفهمنا أنه يفترض في القائد : أن يرعى الشؤون المادية للأمة ، ولو من ماله الخاص ، حينما لا يكون ثمة مصادر أخرى قادرة على سد حاجاتهم في هذا المجال.
د : ودرس آخر نتعلمه من موقف النبي «صلىاللهعليهوآله» هنا ، وهو : أن الإنسان ، وإن كان له الحق في أن يتصرف في ماله كيف يشاء ، ولكن حينما تنشأ عن هذا التصرف سلبيات من نوع ما ، فإن عليه أن يعمل على معالجة تلك السلبيات ، وأن يعطي تصرفه مناعات كافية ، تحصن الواقع من أن تنشأ فيه تلك السلبيات ، أو أن تؤثر أثرها البغيض المقيت ، حتى ولو كانت تلك السلبيات ناشئة عن تقصير الآخرين ، أو عن سوء تصرفهم ، أو عن عدم التزامهم الأكيد بالحدود والقيود التي يفترض التزامهم بها ، أو غفلتهم عن ذلك ، بل وحتى لو كان ذلك من قبيل الطموحات الباطلة واللامشروعة ، أو التي تستتبع حسدا لا مبرر له لدى الآخرين ، أو حقدا كذلك.
ه : إننا نلاحظ : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد كانت معالجته لسلبيات لا مبرر لها بطريقة بناءة ورائدة ، ثم هي زاخرة بالمعاني الإيجابية الكبيرة ، التي من شأنها ليس فقط أن تؤثر في الصيانة والحصانة بدرجة كافية ، وإنما هي تساهم بدرجة كبيرة في تكامل الأمة ، وفي حصولها على المعاني والسجايا الإنسانية ، ثم تعميقها وترسيخها بصورة عملية ، لا بمجرد التنظير ، وإطلاق الشعارات في الهواء.
وهذا هو الأسلوب الأمثل والأجدى في بناء الأمة ، وتأكيد خصائصها الإنسانية ، وسجاياها الكريمة الفضلى.