أي أنه يريد للمال أن يتحرك ، وأن ترتفع الموانع والحواجز من طريقه وينطلق من خلال الالتزام بالحكم الإلهي ، والوقوف عند الحدود الشرعية ، لتتداوله جميع الأيدي فلا بغي من أحد على أحد ، ولا استئثار بشيء دون الآخرين وإنما الإيثار على النفس ، ولو مع شدة الحاجة والخصاصة.
كما أنه يريد للفقير : أن يحصل على المال بصورة مشروعة ، ومن دون منة من أحد عليه ، ما دام أن المال قد أعطاه الله إياه ، وليس لأحد من الخلق فيه أي دور.
الثاني : إن الإسلام حين قبل بالملكية الفردية ، وجعل القوانين والنظم لحمايتها ، وقبل أيضا بملكية الدولة والجهة ، وأعطى المجال لطموحات الإنسان ، وقدراته الخلاقة للتعبير عن نفسها ، وتأكيد وجودها ، فإنه قد قرر إلى جانب ذلك قاعدته ، وأعطى ضابطته التي لا مجال لتخطيها في شأن المال بقوله : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) (١) ؛ فإنه يكون بذلك قد قرر الحد الذي يفصل نظام الإسلام الإقتصادي عن النظام الرأسمالي الفاسد ، والذي ينتهي بالمال إلى أن يصبح دولة بين الأغنياء.
وذلك لأن الإسلام ، وإن كان قد قبل بالملكية الفردية ، إلا أنه قد حدد مصادر الحصول عليها في جهات معينة ، لا يجوز تعديها إلى غيرها ..
كما أنه قد وضع من الأحكام والضوابط في مختلف شؤون الحياة وجهاتها ، ما يمنع من تكدس المال بصورة فاحشة لدى أفراد بخصوصهم.
وقد بين الله سبحانه هذا الأصل الأصيل بعبارة واضحة وموجزة
__________________
(١) الآية ٧ من سورة الحشر.