ولأجل ذلك ، فقد كان الموت للإنسان المؤمن أحلى من العسل (١). ووصف الحسين «عليهالسلام» أصحابه فقال : «يستأنسون بالمنية دوني استئناس الطفل إلى محالب أمه» (٢).
وقال أمير المؤمنين «عليهالسلام» : والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه (٣).
كما أن الموت يصبح خروجا من سجن قاس ومرهق ، فإن الدنيا سجن المؤمن ، والقبر حصنه والجنة مأواه (٤). وما أحلى أن يحصل الإنسان على حريته ، ويكون هو سيد نفسه ويواصل انطلاقته نحو الله ، ويسرح في رحاب ملكوته. (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٥).
أما الكافر فهو يرى الموت فناء وعدما ، وضياعا ، فهو كارثة حقيقية بالنسبة إليه ، وخسران لنعيم الدنيا ، والدنيا هي جنة الكافر والقبر سجنه ، والنار مأواه ، حسبما جاء في الحديث الشريف (٦).
وبكلمة .. إن الموت هو سر الحياة ، وهو يعطي للحياة معناها وقيمتها ، وهو سرّ الطموح ، والحركة والبناء ، والعمل الهادف المنتج ، وهو سر سعي الإنسان نحو كماله ونحو ربه : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً
__________________
(١) وسيلة الدارين في أنصار الحسين ص ٢٥٣.
(٢) مقتل الحسين للمقرم ص ٢٦٢.
(٣) نهج البلاغة (شرح عبده) ص ٣٦.
(٤) البحار ج ٧٠ ص ٩١ والخصال ج ١ ص ١٠٨.
(٥) الآية ٦٤ من سورة العنكبوت.
(٦) البحار ج ٧٠ ص ٩١ والخصال ج ١ ص ١٠٨.