فَمُلاقِيهِ) (١).
وبالموت تتساقط الحجب والموانع التي تقلل من قدرة الإنسان على الإحساس بالواقع ، لأنه إنما يتصل بالواقع عن طريق الحواس المادية ، التي لا تسمح بالإحساس بالواقع إلا في مستوى التخيل والتصوير ، ولا توصل إلى كنه الحقائق ، والاتصال بأسرار الكون والحياة.
هذا بالإضافة إلى أن المعاصي تزيد من طغيان الجسد ، وضعف القدرات الروحية ، فيتضاءل إحساسه بالحقائق ، ويتقاصر فهمه عنها ، ولا يعود قادرا على التعامل معها بعمق ذاته ووجوده ، وبكنه مواهبه الإلهية.
وكل ما تقدم يفهمنا بعض ما يرمي إليه الحديث الوارد عن الإمام الصادق «عليهالسلام» والمتقدم برقم (٣) ، ولعل جانبا مما يرمز إليه الحديث رقم (٤) اتضح أيضا.
ج : ولكننا نزيد في توضيح خلق الموت هنا ، فنقول : إنه إذا كان الموت انتقالا من نشأة إلى نشأة ، وتصرفا في الصورة والشكل ، مع بقاء المضمون والحقيقة والماهية على ما هي عليه ، فإن خضوع الموت لعملية الخلق يصبح بمثابة من الوضوح ، لأن الخلق يختزن هذا المعنى أيضا ، ويشهد لذلك قوله تعالى : (مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ) أي وجدت فيها الأشكال والصور البدائية للإنسان ، (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) (٢) أي لم يوجد فيها ذلك.
وقال تعالى : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ
__________________
(١) الآية ٦ من سورة الإنشقاق.
(٢) الآية ٥ من سورة الحج.