وقد أسلفنا : أننا نرجح هذه الرواية التي تنص على وجود كعب بن الأشرف ، وعلى دور له في قضية بني النضير ، وقد استحق بذلك الدور أن يأمر النبي «صلىاللهعليهوآله» بقتله فقتل.
ولكننا لا ندري حقيقة هذا الدور ، فلعل كعبا قد عاقد أبا سفيان على حرب النبي «صلىاللهعليهوآله» ثم هجا المسلمين ، وشبب بنسائهم ، ثم حاول نقض العهد حين طلب منه النبي «صلىاللهعليهوآله» الوفاء بتعهداته المالية ، حيث قد كان ثمة عهد ينص على التعاون في الديات.
وكان ذلك من كعب بالتعاون مع قومه ، حين انتدب عمرو بن جحاش لتنفيذ المهمة.
فكان أن تركهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وقفل عائدا إلى أصحابه ، فأمر بقتل كعب بن الأشرف ، ثم غدا على بني النضير بالكتائب.
فإن من الطبيعي أن نجد رسول الإسلام الأكرم «صلىاللهعليهوآله» يتحمل منهم نقض العهد أكثر من مرة ، من أجل أن يقطع لهم كل عذر وتعلل في ذلك ، وليتضح لكل أحد ما بيتوه من مكر وخداع ، وما أبطنوه من ختل وغدر ، ويحق الله الحق بكلماته ، وليخزي الفاسقين ، بفضل صبر الرسول «صلىاللهعليهوآله» وأناته.
ثم جاء أهل الحديث والرواية فذكروا كل واحدة مما تقدم على أنها سبب مستقل لما جرى على هؤلاء الغدرة الفجرة ، مع الذهول عن أن تكرر ذلك منهم قد جعل من مجموع تلك الأسباب والعوامل سببا واحدا لما حصل ..