ضربة أرعش منها ، ثم ثنى له بأخرى وهو يقول : خذها وأنا أبو سليمان ، فوقع ميتا ، وكان عبد الرحمن بن أبى بكر قد رماه بسهم قبل ذلك ، ومنهم من يقول : رماه عبد الرحمن بعد ضربة خالد ، ومنهم من يقول : لم يكن من سهم عبد الرحمن شيء.
وقاتلت حنيفة بعد قتل محكم بن طفيل أشد القتال ، وهم يقولون : لا بقاء بعد محكم ، وقال قائل : يا أبا ثمامة ، أين ما كنت وعدتنا؟ قال : أما الدين فلا دين ، ولكن قاتلوا عن أحسابكم ، فاستيقن القوم أنهم كانوا على غير شيء.
وقال وحشى : لما اختلط الناس فى الحديقة ، وأخذت السيوف بعضها بعضا ، نظرت إلى مسيلمة وما أعرفه ، ورجل من الأنصار يريده ، وأنا من ناحية أخرى أريده ، فهززت من حربتى حتى رضيت منها ، ثم دفعتها عليه ، وضربه الأنصاري ، فربك أعلم أينا قتله ، إلا أنى سمعت امرأة فوق الدير تقول : قتله العبد الحبشى.
وقال أبو الحويرث : ما رأيت أحدا يشك أن عبد الله بن زيد الأنصاري (١) ضرب مسيلمة وزرقه وحشى فقاتلاه جميعا (٢).
وذكر عمرو بن يحيى المازنى عن عبد الله بن زيد أنه كان يقول : أنا قتلته. وكان معاوية بن أبى سفيان يقول : أنا قتلته.
وكانت أم عبد الله بن زيد ، وهى أم عمارة ، نسيبة بنت كعب تقول : إن ابنها عبد الله هو الذي قتله. وكانت ممن شهد ذلك اليوم ، وقطعت فيه يدها ، وذلك أن ابنها حبيب بن زيد كان مع عمرو بن العاص بعمان عند ما توفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما بلغ ذلك عمرا ، أقبل من عمان ، فسمع به مسيلمة ، فاعترض له ، فسبقه عمرو ، وكان حبيب ابن زيد وعبد الله بن وهب الأسلمى فى الساقة ، فأصابهما مسيلمة ، فقال لهما : أتشهدان أنى رسول الله ، فقال الأسلمى : نعم ، فأمر به فحبس فى حديد ، وقال لحبيب : أتشهد أنى رسول الله ، فقال : لا أسمع ، فقال : أتشهد أن محمدا رسول الله ، قال : نعم ،
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (١٥٥٨) ، الإصابة الترجمة رقم (٤٧٠٦) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٢٩٥٨) ، الوافى بالوفيات (١٧ / ٤٧) ، تهذيب التهذيب (٥ / ٢٢٣) ، تقريب التهذيب (١ / ٤١٧) ، سير أعلام النبلاء (٢ / ٣٧٧).
(٢) ذكر ابن الجوزى فى المنتظم (٤ / ٨٢) : أنه اشترك فى قتل مسيلمة رجلان : رجل من الأنصار ، ووحشى مولى جبير بن مطعم : وقال : وكان وحشى يقول : وقعت فيه حربتى وضربه الأنصاري والله يعلم أينا قتله. وكان يقول : قتلت خير الناس وشر الناس ، حمزة ومسيلمة ، وكانوا يقولون : قتله العبد الأسود ، فأما الأنصار فلا شك عندهم أن أبا دجانة سماك بن خرشة قتله.