وروى عن ابن عباس : أن رأى المهاجرين فيهم إذا استأسرهم أبو بكر ، كان قتلهم ، أو فداءهم بأغلى الفداء ، وكان عمر يرى أن لا قتل عليهم ولا فداء ، لم يزالوا محتبسين حتى ولى عمر ، فأرسلهم بغير فداء.
ويروى عن عمر بن عبد العزيز : أن عمر بن الخطاب قضى فيهم بأربعمائة درهم فداء ، ثم نظر فى ذلك ، فقال : لا سباء فى الإسلام وهم أحرار ، والأول أكثر.
وعن عروة قال : لما قدم أهل غزو دبا قافلين ، أعطاهم أبو بكر خمسة دنانير خمسة دنانير (١).
ذكر ردة صنعاء
وكان الأسود بن كعب العنسى (٢) قد ادعى النبوة فى عهد النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، واتبع على ذلك ، فتزوج المرزبانة امرأة باذان الفارسى ، وكانت من عظماء فارس ، وقسرها على ذلك ، فأبغضته أشد البغض ، وسمعت به بنو الحارث بن كعب ، من أهل نجران ، وهم يومئذ مسلمون ، فأرسلوا إليه يدعونه أن يأتيهم فى بلادهم ، فجاءهم ، فاتبعوه وارتدوا عن الإسلام.
ويقال : دخلها يوم دخلها فى آلاف من حمير ، يدعى النبوة ، ويشهدون له بها ، فنزل غمدان ، فلم يتبعه من النخع ولا من جعفى أحد ، وتبعه ناس من زبيد ومذحج ، وعبس وبنى الحارث وأود ومسلية وحكم.
وأقام الأسود بنجران يسيرا ، ثم رأى أن صنعاء خير له من نجران ، فسار إليها فى ستمائة راكب من بنى الحارث ، فنزل صنعاء ، فأبت الأبناء أن يصدقوه ، فغلب على صنعاء واستذل الأبناء بها ، وقهرهم وأساء جوارهم لتكذيبهم إياه ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، رجلا من الأزد ، وقيل من خزاعة ، يقال له وبر بن يحنس إلى الأبناء فى أمر الأسود ، فدخل صنعاء مختفيا ، فنزل على داذويه الأبناوى فخبأه عنده ، وتآمرت الأبناء لقتل الأسود ، فتحرك فى قتله نفر منهم قيس بن عبد يغوث المكشوح ، وفيروز الديلمى ، وداذويه الأبناوى ، وكانت المرزبانة كما تقدم قد أبغضت الأسود أشد البغض ، فوعدتهم
__________________
(١) ذكر فى الروض المعطار جميع ما فى هذه القصة (٢٣٢ ـ ٢٣٤).
(٢) اسمه : عبهلة بن كعب ، يقال له : ذو الخمار ، لقب بذلك لأنه كان يقول : يأتينى ذو خمار. انظر ترجمته فى المنتظم لابن الجوزى (٤ / ١٨ ـ ٢٠).