ذكر فتح طبرستان
وراسل الأصبهبذ سويدا فى الصلح على أن يتوادعا ، ويجعل له شيئا على غير نصرة ولا معونة على أحد ، فقبل ذلك منه ، وكتب له :
بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من سويد بن مقرن للفرخان اصبهبذ خراسان على طبرستان وجبل جيلان ، إنك آمن بأمان الله على أن تكف نصرتك وأهل حواشى أرضك ، ولا تؤوى لنا بغية وتتقى من ولى فرج أرضك بخمسمائة ألف درهم من دراهم أرضك ، فإذا فعلت ذلك فليس لأحد منا أن يغير عليك ، ولا أن يتطوف أرضك ، ولا يدخل عليك إلا بإذنك ، سبيلنا عليكم بالإذن آمنة ، وكذلك سبيلكم ، ولا تسألون لنا إلى عدو ولا تغلون ، فإن فعلتم فلا عهد بيننا وبينكم (١).
فتح أذربيجان
ولما (٢) افتتح نعيم همذان ثانية ، وسار إلى الرى كتب إلى عمر : أن يبعث سماك بن خرشة الأنصاري ، وليس بأبى دجانة ، ممدا لبكير بن عبد الله بأذربيجان ، وكان عمر قد فرق أذربيجان بين بكير وبين عتبة بن فرقد ، وأمر كل واحد منهما بطريق غير طريق صاحبه ، فسار بكير حين بعث إليها حتى إذا طلع بحيال جرميذان ، طلع عليه اسفندياذ بن الفرخزاد مهزوما من واجروذ ، فكان أول قتال لقيه بكير بأذربيجان ، فاقتتلوا ، فهزم الله جند اسفندياذ وأخذه بكير أسيرا ، فقال له : الصلح أحب إليك أم الحرب؟ فقال بكير : بل الصلح ، قال : فأمسكنى عندك ، فإن أهل أذربيجان إن لم أصالح عليهم وأراضى لم يقيموا لك ، وجلوا إلى الجبال التي حولها من القبج والروم ومن كان فى حصن تحصن إلى يوم ما ، فأمسكه عنده ، وصارت البلاد إليه إلا ما كان من حصن ، وقدم سماك على بكير واسفندياذ فى إساره ، وقد افتتح ما يليه ، وافتتح عتبة بن فرقد ما يليه.
وتشوفت نفس بكير إلى المضى قدما ، فقال لسماك : إن شئت كنت معى ، وإن شئت أتيت عتبة ، فإنى لا أرانى إلا تارككما وطالبا وجها هو أكره من هذا. فاستأذن عمر ، فكتب إليه بالإذن على أن يتقدم نحو الباب ، وأمره أن يستخلف على عمله ، فاستخلف
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ١٥٣).
(٢) انظر الخبر فى : الطبرى (٤ / ١٥٣ ـ ١٥٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٧ / ١٢٢) ، تاريخ ابن خلدون (٢ / ١١٩ ، ١٢٠).