ذكر مسير خالد بن الوليد رضياللهعنه ، إلى بزاخة وغيرها
قالوا : وسار خالد بن الوليد ومعه عدى بن حاتم ، وقد انضم إليه من طيء ألف رجل ، فنزل بزاخة ، وكانت جديلة معرضة عن الإسلام ، وهى بطن من طيء ، وكان عدى بن حاتم من الغوث ، وقد همت جديلة أن ترتد ، فجاءهم مكنف بن زيد الخيل الطائى ، فقال : أتريدون أن تكونوا سبة على قومكم ، لم يرجع رجل واحد من طيء ، وهذا أبو طريف عدى بن حاتم ، معه ألف رجل من طيء ، فكسرهم ، فلما نزل خالد بزاخة ، قال لعدى : يا أبا طريف ، ألا نسير إلى جديلة؟ فقال : يا أبا سليمان ، لا تفعل ، أقاتل معك بيدين أحب إليك ، أم بيد واحدة؟ فقال خالد : بل بيدين ، قال عدى : فإن جديلة إحدى يدى ، فكف خالد عنهم ، فجاءهم عدى فدعاهم إلى الإسلام ، فأسلموا ، فحمد الله وسار بهم إلى خالد.
فلما رآهم خالد فزع منهم ، وظن أنهم أتوا للقتال ، فصاح فى أصحابه بالسلاح ، فقيل له : إنما هى جديلة أتت تقاتل معك ، فلما جاءوا حلوا ناحية ، وجاءهم خالد ، فرحب بهم ، وفرح بهم ، واعتذروا إليه من اعتزالهم ، وقالوا : نحن لك حيث أحببت ، فجزاهم خيرا ، فلم يرتد من طيء رجل واحد ، فسار خالد على تعبئته ، وطلب إليه عدى أن يجعل قومه مقدمة أصحابه ، فقال : يا أبا طريف ، إن الأمر قد اقترب ، وأنا أخاف أن أقدم قومك ، فإذا ألحمهم القتال انكشفوا ، فانكشف من معنا ، ولكن دعنى أقدم قوما صبرا ، لهم سوابق ونيات ، وهم من قومك.
قال عدى : الرأى ما رأيت ، فقدم المهاجرين ، والأنصار ، ولم يزل خالد يقدم طليعته منذ خرج من بقعاء حتى قدم اليمامة ، وأمر عيونه أن يختبروا كل من مروا به عند مواقيت الصلاة بالأذان لها ، فيكون ذلك أمانا لهم ، ودليلا على إسلامهم ، وانتهى خالد والمسلمون إلى عسكر طليحة ، وقد ضربت لطليحة قبة من أدم ، وأصحابه حوله معسكرون ، فانتهى خالد ممسيا ، فضرب عسكره على ميل أو نحوه من عسكر طليحة ، وخرج يسير على فرس معه نفر من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فوقف من عسكر طليحة غير بعيد ، ثم قال : يخرج إلى طليحة ، فقال أصحابه : لا تصغر اسم نبينا ، وهو طلحة. فخرج طليحة فوقف ، فقال له خالد : إن من عهد خليفتنا إلينا أن ندعوك إلى الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن تعود إلى ما خرجت منه ، فنقبل منك ، ونغمد سيوفنا عنك ، فقال : يا خالد ، أنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنى رسول الله ، وأنى نبى مرسل يأتينى ذو النون ، كما كان جبريل يأتى محمدا ، وقد كان ادعى هذا فى عهد النبيّ