الملوك ، فأخذوا ما كان عليه من الحلى ، فجعلوه فى جراب وختموا عليه ، ثم خنقوه بوتر ، وطرحوه فى نهر مرو.
وفى آخر الحديث (١) : أنه لما بلغ مقتله رجلا من أهل الأهواز كان مطرانا على مرو ، جمع من كان قبله من النصارى ، وقال لهم : إن ملك الفرس قد قتل ، وهو ابن شهريار بن كسرى ، ولهذا الملك عنصر فى النصرانية ، وإنما شهريار ولد شيرين التي قد عرفتم حقها وإحسانها إلى أهل ملتها فى غير وجه ، مع ما نال النصارى فى مملكة جده كسرى من الشرف ، وقبل ذلك فى مملكة ملوك من أسلافه ، حتى بنى لهم بعضهم البيع ، وسدد لهم بعضهم ، يعنى للنصارى ، ملتهم فينبغى لنا أن نحزن لقتل هذا الملك ونظهر من كرامته بقدر ما كان من إحسان سلفه وجدته إلى النصارى ، وقد رأيت أن أبنى له ناووسا ، وأحمل جثته فى كرامة حتى أواريها.
فقال له النصارى : أمرنا لأمرك تبع ، ونحن لك على رأيك هذا مواطئون ، فأمر المطران ببناء ناووس فى جرف بستان المطارنة بمرو ، ومضى بنفسه ومعه نصارى مرو حتى استخرج جثة يزدجرد من النهر وكفنها وجعلها فى تابوت وحملها هو وأولئك النصارى على عواتقهم حتى أتوا به الناووس الذي بنى له وواروه فيه ، وردموا بابه ، فكان ملك يزدجرد عشرين سنة ، منها أربع سنين فى دعة وست عشرة فى تعب من محاربة العرب إياه.
وكان آخر ملك من آل أردشير بن بابك ، وصفا الملك بعده للعرب ، فسبحان ذى العظمة والملكوت ، الملك الحق الدائم الذي لا يموت ، لا إله إلا هو ، كل شيء هالك إلا وجهه ، له الحكم وإليه ترجعون.
ذكر فتح أبرشهر ، وطوس ، وبيورد ، ونسا ، وسرخس ، وصلح مرو
ذكر الطبرى (٢) أن ابن عامر لما فتح فارس قام إليه أوس بن حبيب التميمى ، فقال : أصلح الله الأمير إن الأرض بين يديك ، ولم تفتح من ذلك إلا القليل ، فسر فإن الله ناصرك ، قال : أو لم نأمرك بالمسير؟ وكره أن يظهر له أنه قبل رأيه.
وذكر فى بعض ما ذكره عن المدائنى أن ابن عامر لما فتح فارس رجع إلى البصرة
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ٣٠٠).
(٢) انظر : تاريخ الملوك والرسل للطبرى (٣ / ٣٠٠ ـ ٣٠٣).