جذعت على الماهات آناف فارس |
|
لكل فتى من صلب فارس حادر |
هتكت بيوت الفرس لما لقيتهم |
|
وما كل من يلقى الحروب بثائر |
حبست ركاب الفيرزان وجمعه |
|
على قتر من حرها غير فاتر |
هدمت به الماهات والدرب بغتة |
|
إلى غاية أخرى الليالى الغوابر |
وقال أبو بجيد فى ذلك :
لو أن قومى فى الحروب أذلة |
|
لأخنث عليهم فارس فى الملاحم |
ولكن قومى أحرزتهم سيوفهم |
|
فآبوا وقد عادوا حواة المكارم |
أبينا فلم نعط الظلامة فارسا |
|
ولكن قبلنا عفو سلم المسالم |
ونحن حبسنا فى نهاوند خيلنا |
|
لشر ليال أنتجت للأعاجم |
نتجن لهم فينا وعضل سخلها |
|
غداة نهاوند لإحدى العظائم |
ملأنا شعابا فى نهاوند منهم |
|
رجالا وخيلا أضرمت فى الضرائم |
وأركضهن الفيرزان على الصفا |
|
فلم ينجه منا انفساح المخارم |
ذكر الانسياح فى بلاد فارس ، وعمل المسلمين به بإذن عمر
رضياللهعنه ، فيه بعد منعه إياهم ، وما تبع ذلك من الفتوح
فى بقية خلافته وقتال الترك والديلم وغيرهم (١)
ولم يزل عمر ، رضياللهعنه ، ينهى المسلمين عن الانسياح فى بلاد فارس ، ويأمرهم بالاقتصار على ما فى أيديهم ، والجد فى قتال من قاتلهم ، نظرا للإسلام واحتياطا على أهله وإشفاقا ، ولا يزال أهل فارس يجهدون بعد كل نيل منهم وهزيمة تأتى على جموعهم فى انبعاث جموع أخر ، رجاء الاستدراك لما قد أذن الله فى إقامته ، والإبقاء من أمرهم لما سبقت المشيئة بزواله واستيلاء الإسلام عليه وعلى سواه ، تتميما لنوره ، وإنجازا لموعود رسوله الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
وكان بعض أهل الذمة الذين قهرهم الإسلام على الصلح وأقرهم على الجزية ينتقضون عند تحرك أهل فارس ، فسأل عمر بن الخطاب ، رضياللهعنه ، وفد أهل البصرة عن ذلك ، وهل يفضى المسلمون إلى أهل الذمة بأذى أو بأمور لها ينتقضون؟ فقالوا : لا نعلم إلا وفاء وحسن ملكة ، قال : كيف هذا؟ فلم يجد عند أحد منهم شيئا يشفيه ويبصر
__________________
(١) انظر الخبر فى : الطبرى (٤ / ٩٤ ـ ١٣٨) ، فتوح البلدان للبلاذرى (ص ٤٧٦).