شرحبيل وأهل بيسان على صلح دمشق ، على أن يشاطروا المسلمين المنال فى المدائن ، وما أحاط بها مما يصلها ، فيدعوا لهم نصفا ، ويأخذوا نصفا ، وعلى كل رأس دينار كل سنة ، ومن كل حرث أرض جريب بر أو شعير ، أى ذلك حرث ، وأشياء صالحوهم عليها. ونزلت القواد وخيولهم فيها.
وتم صلح الأردن ، وتفرقت الأمداد فى مدائنها وقراها ، وكتب إلى عمر بالفتح.
حديث مرج الروم من رواية سيف أيضا
قال (١) : خرج أبو عبيدة بخالد بن الوليد من فحل إلى حمص ، وبمن تضيف إليهم من اليرموك ، فنزلوا جميعا على ذى الكلاع ، وقد بلغ الخبر هرقل ، فبعث توذرا البطريق حتى نزل بمرج دمشق وغربها ، فبدأ أبو عبيدة بمرج الروم وجمعهم هذا به ، وقد هجم الشتاء عليهم والجراح فيهم فاشية ، فلما نزل على القوم بمرج الروم نازله ، يوم نزل عليه شنس الرومى ، فى مثل خيل توذرا ، إمدادا لتوذرا وردءا لأهل حمص ، فنزل فى عسكره على حدة.
فلما كان من الليل فر توذرا ، فأصبحت الأرض منه بلاقع ، وكان خالد بإزائه وأبو عبيدة بإزاء شنس ، وأتى خالدا الخبر برحيل توذرا إلى جهة دمشق ، فأجمع رأيه ورأى أبى عبيدة أن يتبعه خالد ، فأتبعه من ليلته فى جريدة ، وبلغ يزيد بن أبى سفيان ما فعل توذرا ، فاستقبله ، فاقتتلوا ، ولحق بهم خالد وهم يقتتلون ، فأخذهم من خلفهم ، فقتلوا من بين أيديهم ومن خلفهم ، فلم يفلت منهم إلا الشريد ، وقتل يزيد توذرا ، وأصاب المسلمون ما شاءوا من ظهر وأداة وثياب ، وقسم ذلك يزيد على أصحابه وأصحاب خالد ، ثم انصرف يزيد إلى دمشق ، وانصرف خالد إلى أبى عبيدة ، وبعد خروج خالد فى أثر توذرا ناهد أبو عبيدة شنس ، فاقتتلوا بمرج الروم ، فقتلهم أبو عبيدة مقتلة عظيمة ، حتى امتلأ المرج من قتلاهم ، وأنتنت منهم الأرض. وقتل أبو عبيدة شنس ، وهرب من هرب منهم ، فلم يقلهم ، وركب أقفاءهم إلى حمص.
فهذا ما ذكر سيف من حديث دمشق ، وفحل ، ومرج الروم ، وسائر ما ذكر معها أوردناه مهذبا مقربا ، ثم نعود إلى تتمة ما وقع فى كتب فتوح الشام مما يخالف ما ذكره سيف من بعض الوجوه ليوقف على كل ما ذكروه مما اتفقوا عليه واختلفوا فيه.
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبرى (٣ / ٥٩٨ ـ ٥٩٩).