وقد قال الأعور الشنى فلم يذكر لغير المثنى يومئذ إمارة :
هاجت عليك ديار الحرب أحزانا |
|
واستبدلت بعد عبد القيس همذانا |
وقد أرانا بها والشمل مجتمع |
|
أدنى النخيلة قتلى جند مهرانا |
كأن الأمير المثنى يوم راجفة |
|
مهران أشجع من ليث بخفانا |
أزمان سار المثنى بالخيول لهم |
|
فقتل الزحف من رجلى وركبانا |
سما لمهران والجيش الذي معه |
|
حتى أبادهم مثنى ووحدانا |
إذ لا أمير أراه بالعراق لنا |
|
مثل المثنى الذي من آل شيبانا |
حديث غارة المثنى على سوقى الخنافس وبغداد (١)
ذكر سيف عن شيوخه أن المثنى لما نزل أليس ، قرية من قرى الأنبار ، وهذه الغزاة تدعى غزاة الأنبار الآخرة ، وغزاة أليس الآخرة ، وقد مخر السواد وخلف بالحيرة بشير بن الخصاصية ، وأرسل جريرا إلى ميسان ، وهلال بن علقمة إلى دست ميسان وأذكى المسالح بعصمة بن فلان الضبى ، وبالكلح الضبى ، وبعرفجة البارقى وأمثالهم من قواد المسلمين ، ألزّ به رجلان : أحدهما أنبارى والآخر حيرى ، يدله كل واحد منهما على سوق ، فأما الأنبارى فدله على سوق الخنافس ، وأما الحيرى فدله على بغداد. فقال المثنى : أيتهما قبل صاحبتهما؟ فقالوا : بينهما أيام ، فقال : أيهما أعجل؟ قالوا : سوق الخنافس يتوافى إليها الناس ، ويجتمع إليها ربيعة وقضاعة يخفرونهم. فاستعد لها المثنى ، حتى إذا ظن أنه يوافيهم يوم سوقها ركب نحوهم ، فأغار على الخنافس يوم سوقها ، وبها خيلان من ربيعة وقضاعة وهم الخفراء ، فانتسف السوق وما فيها ، وسلب الخفراء ، ثم رجع عوده على دبئه حتى تطرق دهاقين الأنبار طروقا فى أول يومه فتحصنوا منه ، فلما عرفوه نزلوا إليه فأتوه بالأعلاف والزاد ، وأتوا بالأدلاء على بغداد ، وكان وجهه إلى سوق بغداد فصبحهم.
وقال المثنى فى غارته على خنافس :
صبحنا فى الخنافس جمع بكر |
|
وحيا من قضاعة غير ميل |
بفتيان الوغى من كل حى |
|
تبارى فى الحوادث كل جيل |
نسفنا سوقهم والخيل زور |
|
من التطواف والشد البجيل |
__________________
(١) انظر : الطبرى (٣ / ٤٧٢ ـ ٤٧٦) ، تاريخ بغداد للخطيب البغدادى (١ / ٢٥ ـ ٢٧) ، الكامل فى التاريخ لابن الأثير (٢ / ٣٠٦ ، ٣٠٧) ، نهاية الأرب للنويرى (١٩ / ١٨٧ ـ ١٨٩).