بكل ما يحبون ، ثم سألوا الصلح ، فصالحناهم ، فخرج خالد من فوره ذلك ، فأغار على غسان فى جانب من مرج راهط فى يوم فصحهم ، فقتل وسبى.
وعن أبى الخزرج الغسانى قال : كانت أمى فى ذلك السبى ، فلما رأت هدى المسلمين وصلاحهم وصلاتهم وقع الإسلام فى قلبها فأسلمت ، فطلبها أبى فى السبى فعرفها ، فجاء المسلمين فقال : يا أهل الإسلام ، إنى رجل مسلم ، وهذه امرأتى قد أصبتموها ، فإن رأيتم أن تصلونى وتحفظوا حقى فتردوا علىّ أهلى فعلتم. فقال لها المسلمون : ما تقولين فى زوجك قد جاء يطلبك وهو مسلم؟ قالت : إن كان مسلما رجعت إليه ، وإلا فلا حاجة لى فيه ، ولست براجعة إليه.
وقعة أجنادين
ذكر سعيد بن الفضل وأبو إسماعيل وغيرهما أن خالد بن الوليد لما دخل الغوطة (١) كان قد مر بثنية فخرعها ، ومعه راية له بيضاء تدعى العقاب ، فسميت بذلك تلك الثنية : ثنية العقاب ، ثم نزل ديرا يقال له : دير خالد لنزوله به ، وهو مما يلى باب الشرقى ، يعنى من دمشق.
وجاء أبو عبيدة من قبل الجابية ، حتى نزل باب الجابية ، ثم شنا الغارات فى الغوطة وغيرها ، فبينما هما كذلك أتاهما أن وردان صاحب حمص ، قد جمع الجموع يريد أن يقتطع شرحبيل بن حسنة وهو ببصرى ، وأن جموعا من الروم قد نزلت أجنادين (٢) ، وأن أهل البلد ومن مروا به من نصارى العرب قد سارعوا إليهم ، فأتاهما خبر أفظعهما وهما مقيمان على عدو يقاتلانه ، فالتقيا فتشاورا فى ذلك ، فقال أبو عبيدة : أرى أن نسير حتى نقدم على شرحبيل قبل أن ينتهى إليه العدو الذي قد صمد صمدة ، فإذا اجتمعنا سرنا إليه حتى نلقاه ، فقال له خالد : إن جمع الروم هنا بأجنادين ، وإن نحن سرنا إلى شرحبيل تبعنا هؤلاء من قريب ، ولكن أرى أن نصمد صمد عظمهم ، وأن نبعث إلى شرحبيل فنحذره مسير العدو إليه ، ونأمره فيوافينا بأجنادين ، ونبعث إلى يزيد بن أبى سفيان وعمرو بن العاص فيوافيانا بأجنادين ، ثم نناهض عدونا. فقال له أبو عبيدة : هذا رأى حسن ، فأمضه على بركة الله.
__________________
(١) الغوطة : قيل : هى قصبة دمشق ، وقيل : هو موضع متصل بدمشق من جهة باب الفراديس ، وطول الغوطة مرحلتان عرض فى عرض مرحلة. انظر : الروض المعطار (٤٣١).
(٢) أجنادين : بفتح الهمزة والنون والدال ، بعدها ياء ونون على لفظ التثنية ، موضع بالشام من بلاد الأردن. انظر : الروض المعطار (١٢).