عندكم فإنى حامل ، ووكل بنفسه حوامى ، ثم حمل وعقة يقيم صفوفه ، فاحتضنه فأخذه أسيرا ، وانهزم صفه من غير قتال ، فاتبعهم المسلمون وأكثروا فيهم القتل والأسر.
ولما جاء الخبر مهران هرب فى جنده ، وتركوا الحصن. فلما انتهى فلال عقة من العرب والعجم إلى الحصن اقتحموه واعتصموا به ، وأقبل خالد فى الناس حتى نزل عليه ومعه عقة أسيرا وعمرو بن الصعق ، وهم يرجون أن يكون خالد كمن كان يغير عليهم من العرب ، فلما رأوه يحاولهم سألوه الأمان. فأبى إلا حكمه ، فسكنوا إليه.
فلما فتحوا دفعهم إلى المسلمين أسارى ، وأمر بعنقه فضربت عنقه ليؤيس الأسرى من الحياة ، فلما رأوه مطروحا على الجسر يئسوا ثم دعا بعمرو بن الصعق فضربت عنقه ، وضرب أعناق أهل الحصن أجمعين ، وسبى كل من حوى حصنهم ، وغنم ما فيه ، ووجد فى بيعتهم أربعين غلاما يتعلمون الإنجيل ، عليهم باب مغلق ، فكسره عنهم ، وقال : ما أنتم؟ قالوا : رهن ، فقسمهم فى أهل البلاء ، فمن أولئك الغلمان أبو زياد مولى ثقيف ، وحمران مولى عثمان ، ونصير أبو موسى بن نصير ، وسيرين والد محمد بن سيرين ، وأبو عمرة جد عبد الله بن عبد الأعلى الشاعر.
وقال عاصم بن عمرو فى ذلك يعير عقة :
ألا أبلغا الوركاء أن عميدها |
|
رهينة جيش من جيوش الزعافر |
فبهلا لمن غرت كفالة عتقه |
|
بنى عامر أخرى الليالى الغوابر |
أتيح له ضرغامة لا يفله |
|
قراع الكماة والليوث المساعر |
أتيحت له نار تسيح وتلتوى |
|
وترمى بأمثال النجوم العناهر |
حديث دومة الجندل وما بعدها من الأيام بحصيد
والخنافس ومصيخ والبشر والفراض (١)
قالوا : ولما قدم الوليد بن عقبة من عند خالد إلى أبى بكر ، رضياللهعنه ، بما بعثه به إليه من الأخماس ، وجهه أبو بكر إلى عياض وأمده به ، فقدم عليه الوليد وهو يحاصر أهل دومة ، وهم محاصروه ، وقد أخذوا عليه الطريق ، فقال له الوليد : الرأى فى بعض الحالات
__________________
(١) انظر : المغازى للواقدى (١ / ٤٠٢) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٢ / ٦٢ ، ٦٣) ، معجم البلدان (٢ / ٤٨٧) ، الطبرى (٣ / ٣٧٨ ـ ٣٨٥) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ٢٧٠ ـ ٢٧٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٦ / ٣٥٠ ـ ٣٥٢).