حديث فتح الأهواز ومدينة سرق
واتصل ما بين أهل البصرة وبين أهل ذمتهم ، على ما ذكر ، إلى أن وقع بين الهرمزان وبين غالب وكليب فى حدود الأرضين اختلاف ، فحضر سلمى وحرملة لينظرا فيما بينهم ، فوجدا غالبا وكليبا محقين ، والهرمزان مبطلا ، فحالا بينه وبينهما ، فكفر الهرمزان ، ومنع ما قبله ، واستعان بالأكراد ، فكثف جنده ، وكتبوا ببغيه وكفره إلى عتبة ، فكتب بذلك إلى عمر ، فأمدهم عمر بحرقوص بن زهير السعدى ، وكانت له صحبة ، وأمره على القتال ، وعلى ما غلب عليه. فنهدوا معه ، ونهد الهرمزان بمن معه حتى إذا انتهوا إلى جسر سوق الأهواز عبر الهرمزان فوق الجسر ، بعد أن خيرهم ، فقالوا له : اعبر ، فاقتتلوا هنالك ، فهزم الله الهرمزان ، ووجه نحو رامهرمز ، وافتتح حرقوص سوق الأهواز ، فأقام بها ، ونزل الجبل ، واتسقت له بلاد سوق الأهواز إلى تستر ، ووضع الجزية ، وكتب بالفتح والأخماس إلى عمر ، فحمد الله ، ودعا له بالثبات والزيادة.
وكان عمر ، رضياللهعنه ، قد عهد إلى حرقوص : إن فتح الله عليهم أن يبعث جزء بن معاوية فى أثر الهرمزان ، وهو متوجه إلى رامهرمز ، فما زال يقاتلهم حتى انتهى إلى قرية الشغر ، وأعجزهم بها الهرمزان ، فمال منها جزء إلى دورق ، ومدينة سرق فيها قوم لا يطيقون منعها ، فأخذها صافية ، ودعا من هرب إلى الجزاء والمنعة ، فأجابوه ، وكتب بذلك كله إلى عمر وإلى عتبة ، فكتب عمر ، رحمهالله ، إلى جزء وإلى حرقوص بلزوم ما غلبا عليه ، والمقام حتى يأتيهما أمره ، ففعلا ، واستأذنه جزء فى عمران ما دثر ، فأذن له ، فشق الأنهار ، وعمر الموات.
ولما نزل الهرمزان رامهرمز وضاقت عليه الأهواز بالمسلمين ، طلب الصلح وراسل فيه حرقوصا وجزءا ، فكتب فيه حرقوص إلى عمر ، فكتب إليه وإلى عتبة ، يأمر بقبول صلح الهرمزان على ما لم يفتتحوا من البلاد ، على رامهرمز وتستر والسوس وجندى سابور والبنيان ومهرجان نقذق ، فقبل ذلك الهرمزان ، وأجابهم إليه ، فأقام أمراء الأهواز على ما أسند إليهم عمر ، وأقام الهرمزان على صلحه يجبى إليهم ويمنعونه ، وإن غاوره أكراد فارس أعانوه وذبوا عنه.
وكتب عمر إلى عتبة أن يوفد عليه عشرة من صالحاء جند البصرة ، فوفد إليه منهم عشرة ، فيهم الأحنف بن قيس ، فلما قدموا عليه ، قال للأحنف : إنك عندى مصدق ، وقد رأيتك رجلا ، فأخبرنى : أظلمت الذمة ، ألمظلمة نفروا ، أم لغير ذلك؟ فقال : بل لغير مظلمة ، والناس على ما تحب ، قال : فنعم إذا انصرفوا إلى رحالكم.