الغنائم ، وبعث بخمسها ، ووفد وفدا ، وقد كانت البشرى والوفود يجازون وتقضى لهم حوائجهم ، لسنة جرت بذلك من رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وحدث عاصم بن كليب ، عن أبيه قال : خرجنا مع مجاشع غازين توج ، فحاصرناها وقاتلناهم ما شاء الله ، فلما افتتحناها حوينا نهبا كثيرا ، وقتلنا قتلى عظيمة ، فكان علىّ قميص قد تخرق ، فأخذت إبرة وسلكا ، فجعلت أخيط قميصى بها ، ثم إنى نظرت إلى رجل من القتلى عليه قميص فنزعته ، فأتيت به الماء ، فجعلت أضربه بين حجرين حتى ذهب ما فيه ، فلبسته ، فلما جمعت الرثة ، قام مجاشع خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس لا تغلوا ، فإنه من غل جاء بما غل يوم القيامة ، ردوا ولو المخيط ، فلما سمعت ذلك نزعت القميص فألقيته فى الأخماس.
وفى ذلك يقول مجاشع (١) :
ونحن ولينا مرة بعد مرة |
|
بتوج أبناء الملوك الأكابر |
لقينا جنود الماهيان بسحرة |
|
على ساعة تلوى بأيدى الخطائر |
فما فتئت خيلى تكر عليهم |
|
ويلحق منها لاحق غير جائر |
لدن غدوة حتى أتى الليل دونهم |
|
وقد عولجوا بالمرهفات البواتر |
وكان كذاك الدأب فى كل كورة |
|
أجابت لإحدى المنكرات الكبائر |
حديث اصطخر
قالوا (٢) : وقصد عثمان بن أبى العاص لاصطخر ، فالتقى هو وأهلها بجور فاقتتلوا ما شاء الله ، ثم فتح الله على المسلمين جور واصطخر ، فقتلوا ما شاء الله ، وتفرق من تفرق ، ثم إن عثمان دعا الناس إلى الجزاء والذمة ، فراسلوه وراسلهم ، فأجابه الهربذ وكل من هرب أو تنحى ، فتراجعوا وباحوا بالجزاء ، وجمع عثمان حين هزمهم ما أفاء الله عليهم فخمسه وبعث بالخمس إلى عمر ، رحمهالله ، وقسم الباقى فى الناس ، وعف الجند عن النهاب ، وأدوا الأمانة ، واستدقوا الدنيا ، فجمعهم عثمان ثم قام فيهم ، وقال : إن هذا الأمر لا يزال مقبلا وأهله معافون مما يكرهون ما لم يغلوا ، فإذا غلوا رأوا ما ينكرون ولم يسد الكثير مسد القليل اليوم.
__________________
(١) انظر الأبيات فى : الروض المعطار (ص ١٤٣).
(٢) انظر الخبر فى : الطبرى (٤ / ١٧٥ ـ ١٧٧) ، الكامل فى التاريخ لابن الأثير (٣ / ٢٠ ، ٢١) ، تاريخ ابن خلدون (٢ / ١٢٢ ، ١٢٣).