يكون أقربهما إلى الفتنة ، وأوقعهما بالخطيئة ، إلا من عصم الله ، وقليل ما هم.
ذكر الخبر عما صار إليه أمر دمشق من الفتح والصلح بعد طول
الحصار فى خلافة عمر بن الخطاب ، على نحو ما ذكره من ذلك
أصحاب فتوح الشام
فتح دمشق (١) : قالوا : وتولى أبو عبيدة حصار دمشق ، وولى خالدا القتال على الباب الذي كان عليه ، وهو باب الشرقى ، وولاه الخيل إذا كان يوم يجتمع فيه المسلمون للقتال ، فحاصروا دمشق بعد مهلك أبى بكر رحمهالله ، وولايته حولا كاملا ، وأياما.
وكان أهلها قد بعثوا إلى قيصر وهو بأنطاكية : أن العرب قد حاصرتنا وضيقت علينا ، وليس لنا بهم طاقة ، وقد قاتلناهم مرارا ، فعجزنا عنهم ، فإن كان لك فينا وفى السلطان علينا حاجة فأمددنا وأغثنا وعجل علينا ، فإنا فى ضيق وجهد ، وإلا فقد أعذرنا ، والقوم قد أعطونا الأمان ، ورضوا منا من الجزية باليسير.
فأرسل إليهم : أن تمسكوا بحصنكم ، وقاتلوا عدوكم ، فإنكم إن صالحتموهم وفتحتم حصنكم لهم لم يفوا لكم ، وأجبروكم على ترك دينكم ، واقتسموكم بينهم ، وأنا مسرح إليكم الجيوش فى أثر رسولى.
فانتظروا مدده وجيشه ، فلما أبطأ عليهم وألح عليهم المسلمون بالتضييق وشدة الحصار ، ورأوا أن المسلمين لا يزدادون كل يوم إلا قوة وكثرة بعثوا إلى أبى عبيدة يسألونه الصلح. وكان أبو عبيدة أحب إلى الروم وسكان الشام من خالد بن الوليد ، وكان أن يكون كتاب الصلح من أبى عبيدة أحب إليهم ، لأنه كان ألينهما وأشدهما منهم استماعا ، وأقربهما منهم قربا ، وكان قد بلغهم أنه أقدمهما هجرة وإسلاما ، فكانت رسل صاحب دمشق : إنما تأتى أبا عبيدة وخالد ملح على الباب الذي يليه ، فأرسل صاحب دمشق إلى أبى عبيدة فصالحه ، وفتح له باب الجابية ، وألح خالد على باب الشرقى ففتحه عنوة ، فقال لأبى عبيدة : اقتلهم واسبهم ، فإنى قد فتحتها عنوة ، فقال أبو عبيدة : لا ، إنى قد أمنتهم(٢).
__________________
(١) انظر : المنتظم لابن الجوزى (٤ / ١٤٢) ، تاريخ الطبرى (٣ / ٤٣٤).
(٢) انظر : تاريخ اليعقوبى (١ / ١٤٠).