شرحبيل فى ألفين وثمانمائة ، فقدم على عمرو ، وعمرو فى ألفين وخمسمائة.
وقال أبو عبيدة لخالد : ما لهذا الجيش النازل ببعلبك إلا أنا وأنت أو يزيد. فقال له خالد : لا ، بل أنا أسير إليهم. فقال : أنت لهم.
فبعثه أبو عبيدة فى خمسة آلاف فارس ، وخرج معه يشيعه ، فسار معه قليلا ، فقال له خالد : ارجع رحمك الله ، إلى عسكرك ، فقال له : يا خالد ، أوصيك بتقوى الله ، وإذا أنت لقيت القوم فلا تناظرهم ولا تطاولهم فى حصونهم ، ولا تذرهم يأكلون ويشربون وينتظرون أن تأتيهم أمدادهم ، وإذا لقيتهم فقاتلهم ، فإنك إن هزمتهم انقطع رجاؤهم ، وإن احتجت إلى مدد فأعلمنى حتى يأتيك من المدد حاجتك ، وإن احتجت أن آتيك بنفسى أتيتك إن شاء الله. ثم أخذ بيده فودعه ، ثم انصرف عنه.
ويجىء رسول قيصر إلى الذين ببعلبك ، فأمرهم باللحاق بأولئك الذين اجتمعوا ببيسان ، فخرجوا إليهم ، وأخرجوا معهم ناسا كثيرا من أهل بعلبك ، وأتاهم ناس كثير من أهل حمص غضبا لدينهم وشفقا من أن تفتح مدينتهم كما فتحت دمشق ، فخرجوا وهم أكثر من عشرين ألفا متوجهين إلى الجمع الذي ببيسان منهم ، وجاء خالد حتى انتهى إلى بعلبك ، فأخبر الخبر ، فأغاز على نواحى بعلبك ، فقتل وسبى واستاق من المغانم شيئا كثيرا ، وأقبل راجعا إلى أبى عبيدة فأخبره ، واجتمع رأيهم على أن يسير أبو عبيدة بجماعة الناس إلى ذلك الجمع من الروم ، فقدم خالد فى ألف وخمسمائة ، فارس أمامهم ، وأمرهم ، وأمره بالإسراع إلى عمرو وأصحابه ليشد الله بهم ظهورهم ، وليرى الروم أن المسلمين قد أتوهم ، فأقبل خالد مسرعا فى آثار الروم فلحقهم وقد دخل أوائلهم عسكرهم ، فحمل على أخرياتهم ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وأصاب كثيرا من أثقالهم ، وأفلت من أفلت منهم منهزمين حتى دخلوا عسكرهم ، وجاء خالد فى خيله حتى نزل قريبا من عمرو ، ففرح المسلمون بهم ، وكان عمرو يصلى بأصحابه الذين كانوا معه ، وخالد يصلى بأصحاب الخيل التي أقبل فيها.
وقعة فحل حسبما فى كتب فتوح الشام(١)
قالوا : فلما بلغ الروم أن أبا عبيدة قد أقبل إليهم تحولوا إلى فحل فنزلوا بها ، وجاء المسلمون بأجمعهم حتى نزلوا بهم ، وخرج علقمة بن الأرث فجمع من أطاعه من بنى
__________________
(١) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٤ / ١٤٢) ، تاريخ الطبرى (٣ / ٤٣٤).