المسلمين عنى أبو كثير النهشلى إذ قال :
سقى مزن السحاب إذا استهلت |
|
مصارع فتية بالجوزجان |
إلى القصرين من رستاق خوط |
|
أقادهم هناك الأقرعان |
وهى طويلة.
ذكر جرى الصلح بين الأحنف وبين أهل بلخ (١)
قال المدائنى بإسناده عن إياس بن المهلب : سار الأحنف من مروالروز إلى بلخ ، فحاصرهم ، فصالحه أهلها على أربعمائة ألف ، فرضى بذلك منهم ، واستعمل ابن عمه أسيد بن المتشمس على أخذها منهم ، ومضى إلى خوارزم ، فأقام حتى هجم عليه الشتاء ، فقال لأصحابه : ما ترون؟ فقال له حصين : قد قال عمرو بن معدى كرب :
إذا لم تستطع شيئا فدعه |
|
وجاوزه إلى ما تستطيع |
فأمر الأحنف بالرحيل ، ثم انصرف إلى بلخ ، وقد قبض ابن عمه ما صالحهم عليه ، ووافق مهرجانهم وهو يجيبهم ، فأهدوا إليه هدايا من آنية الذهب والفضة ودنانير ودراهم ومتاع ودواب ، فقال أسيد : هذا لم نصالحكم عليه ، قالوا : لا ، ولكن هذا شيء نصنعه فى هذا اليوم لمن ولينا ، نستعطفه به ، قال : ما أدرى ما هذا؟ وإنى لأكره أن أرده ، ولعله من حقى ، ولكنى أقبضه وأعزله حتى أنظر ، وقدم الأحنف ، فأخبره ، فسألهم عنه ، فقالوا مثل ما قالوا له ، فقال الأحنف : آتى به الأمير ، فحمله إلى ابن عامر وأخبره عنه ، فقال : اقبضه يا أبجر ، فهو لك ، قال : لا حاجة لى فيه ، فقال ابن عامر : ضمه إليك يا مسمار ، قال : فضمه القرشى ، وكان مضما.
وذكر المدائنى بإسناد آخر : أن ابن عامر حين صالح أهل مرو ، وصالح الأحنف أهل بلخ بعث خليد بن عبد الله الحنفى إلى هراة وإلى باذغيس ، فافتتحهما ، ثم كفر العدو بعد ذلك فكان مع قارن.
وقال : ولما رجع الأحنف قال الناس لابن عامر : ما فتح على أحد ما فتح عليك ، فارس ، وكرمان ، وسجستان ، وعامة خراسان ، فقال : لا جرم ، لأجعلن شكرى لله على ذلك أن أخرج معتمرا من موقفى ، فأحرم بعمرة من نيسابور ، فلما قدم على عثمان ، رضياللهعنه ، لامه على إحرامه من خراسان ، وقال له : ليتك تضبط الميقات الذي يحرم
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ٣١٣ ، ٣١٦).