وعن مقاتل بن حيان : أن ابن عامر صالح أهل مرو ، وبعث الأحنف فى أربعة آلاف إلى طخارستان ، فأقبل حتى نزل موضع قصر الأحنف من مروالروذ ، وجمع له أهل طخارستان ، وأهل الجوزجان ، والطالقان ، والفارياب ، وكانوا ثلاثة زحوف ، ثلاثين ألفا ، وأتى الأحنف خبرهم ، فاستشار الناس فاختلفوا ، فمن قائل : نرجع إلى مرو ، وقائل : نرجع إلى أبرشهر ، وقائل : نقيم ونستمد ، وقائل : نلقاهم فنناجزهم.
قال : فلما أمسى الأحنف خرج يمشى فى العسكر ، ويسمع حديث الناس ، فمر بأهل خباء ورجل يوقد تحت خزيرة أو يعجن ، وهم يتحدثون ويذكرون العدو ، فقال بعضهم:الرأى للأمير إذا أصبح أن يسير حتى يلقى القوم حيث لقيناهم ، فإنه أرعب لهم ، فنناجزهم ، فقال صاحب الخزيرة أو العجين : إن فعل ذلك فقد أخطأ ، أتأمرونه أن يلقى حد العدو مصحرا فى بلاده ، فيلقى جميعا كثيرا بعدد قليل ، فإن جالوا جولة اصطلموا؟ ولكن الرأى له أن ينزل بين المرغاب والجبل ، فيجعل المرغاب عن يمينه والجبل عن يساره فلا يلقاه من عدوه وإن كثروا إلا عدد أصحابه ، فرجع الأحنف وقد اعتقد ما قال ، فضرب عسكره ، وأقام فأرسل إليه أهل مرو يعرضون عليه أن يقاتلوا معه ، فقال : إنى أكره أن أستنصر بالمشركين ، فأقيموا على ما أعطيناكم ، فإن ظفرنا فنحن على ما جعلنا لكم ، وإن ظفروا بنا وقاتلوكم فقاتلوا عن أنفسكم.
قال : فوافوا المسلمين صلاة العصر ، فعاجلهم المشركون ، فناهضوهم وقاتلوهم فصبر الفريقان حتى أمسوا ، والأحنف يتمثل :
أحق من لم يكره المنية |
|
حزور ليست له ذرية |
وفى غير حديث مقاتل أن الأحنف لقيهم فى المسلمين ليلا فقاتلوهم حتى ذهب عامة الليل ، ثم هزمهم الله ، فقتلهم المسلمون حتى انتهوا إلى رسكن ، وهى على أثنى عشر فرسخا من قصر الأحنف ، وكان مرزبان مروالروذ قد تربص بحمل ما كان صالح عليه ، لينظر ما يكون من أمرهم ، فلما ظفر الأحنف سرح رجلين إلى المرزبان ، وأمرهما أن لا يكلماه حتى يقبضاه ففعلا ، فعلم أنهما لم يصنعا ذلك به إلا وقد ظفروا ، فحمل ما كان عليه.
وبعث الأحنف إلى الجوزجان الأقرع بن حابس فى جريدة خيل إلى بقية كانت بقيت من الزحوف التي هزمهم الأحنف ، فقاتلهم الأقرع بخيله ، فجال المسلمون جولة ، فقتل بعض فرسانهم ، ثم أظفر الله المسلمين بهم فهزموهم وقتلوهم ، وأولئك القتلى من فرسان