حديث فتح كرمان
قالوا (١) : وقصد سهيل بن عدى إلى كرمان ، ولحقه عبد الله بن عبد الله بن عتبان ، وعلى مقدمته سهيل بن عدى النسير بن عمرو العجلى ، وقد حشد له أهل كرمان ، واستعانوا بالقفس ، فاقتتلوا فى أدنى أرضهم ، ففضهم الله تعالى ، فأخذوا عليهم بالطريق ، وقتل النسير مرزبانها ، ودخل سهيل من قبل طريق القرى إلى جيرفت ، وعبد الله بن عبد الله من مفازة شير ، فأصابوا ما شاءوا من بعير أو شاة ، فقدموا الإبل والغنم فتحاصوها وأخروا البخت لعظم البخت على العرب ، وكرهوا أن يزيدوا. وكتبوا إلى عمر ، فأجابهم : إن البعير العربى إنما قوم ببعير اللحم ، وذلك مثله ، فإذا رأيتم أن للبخت فضلا فزيدوا.
وذكر المدائنى أن الذي فتح كرمان عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى فى خلافة عمر بن الخطاب ، ثم أتى الطبسين من كرمان ، ثم قدم على عمر ، رضياللهعنه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنى افتتحت الطبسين فاقطعنيهما ، فأراد أن يفعل ، فقيل لعمر : إنهما رستاقان عظيمان ، فلم يقطعه إياهما ، وهما بابا خراسان.
فتح سجستان
قالوا (٢) : وقصد عاصم بن عمرو لسجستان ، ولحقه عبد الله بن عمير ، فالتقوا هم وأهل سجستان فى أدنى أرضهم ، فهزموهم ثم اتبعوهم ، حتى حصروهم بزرنج ومخر المسلمون أرض سجستان ما شاء الله ، ثم إنهم طلبوا الصلح على زرنج وما احتازوا من الأرضين ، فأعطاهم ذلك المسلمون ، وكان فيما اشترطوا من صلحهم أن فدافدها حمى ، فكان المسلمون إذا خرجوا تناذروها خشية أن يصيبوا منها فيخفروا. فتم أهل سجستان على الخراج ، فكانت سجستان أعظم من خراسان شأنا ، وأبعد فروجا ، يقاتلون القندهار والترك وأمما كثيرة ، وكانت فيما بين السند إلى نهر بلخ.
فلم تزل أعظم البلدين وأصعب الفرجين ، وأكثرها عددا وجندا حتى كان زمن معاوية ، فهرب الشاه من أخيه ، رتبيل ، إلى بلد فيها يدعى آمل ، ودانوا لسلم بن زياد وهو يومئذ على سجستان ، ففرح بذلك وعقد لهم ، وأنزلهم تلك البلاد ، وكتب إلى
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ١٨٠).
(٢) انظر الخبر فى : (٤ / ١٨٠ ، ١٨١) ، الروض المعطار (ص ٣٠٥).