باذان ، بعث بكتابه مع رجلين من عنده ، فلما قدما على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنزلهما وأمرهما بالمقام فأقاما أياما ، ثم أرسل إليهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات غداة ، فقال : «انطلقا إلى باذان فأعلماه أن ربى عزوجل قد قتل كسرى فى هذه الليلة» ، فانطلقا حتى قدما على باذان ، فأخبراه بذلك ، فقال : إن يكن الأمر كما قال فو الله إن الرجل لنبى ، وسيأتى الخبر بذلك إلى يوم كذا ، فأتاه الخبر كذلك ، فبعث باذان بإسلامه وإسلام من معه إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم.
ويقال : إن الخبر أتاه بمقتل كسرى وهو مريض ، فاجتمعت إليه أساورته ، فقالوا : من تؤمر علينا. فقال لهم : ملك مقبل وملك مدبر ، فاتبعوا هذا الرجل ، وادخلوا فى دينه وأسلموا. ومات باذان ، فبعث رءوسهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفدهم يعرفونه بإسلامهم.
ذكر إسلام النجاشى ، وكتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم
إليه مع عمرو بن أمية الضمرى (١)
قال ابن إسحاق : لما وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم رسله إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام ، وجه إلى النجاشى عمرو بن أمية ، فقال له : يا أصحمة ، إن على القول ، وعليك الاستماع ، إنك كأنك فى الرقة علينا منا ، وكأنا فى الثقة بك منك ، لأنا لن نظن بك خيرا قط إلا نلناه ، ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه ، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك ، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد ، وقاض لا يجور ، وفى ذلك وقع الحز وإصابة المفصل ، وإلا فأنت فى هذا النبيّ الأمى كاليهود فى عيسى ابن مريم ، وقد فرق النبيّ صلىاللهعليهوسلم رسله إلى الناس ، فرجاك لما لم يرجهم له ، وأمنك على ما خافهم عليه ، لخير سالف وأجر ينتظر ، فقال النجاشى : أشهد بالله أنه للنبى الأمى الذي ينتظره أهل الكتاب ، وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل ، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر.
وذكر الواقدى أن الكتاب الذي كتبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى النجاشى مع عمرو ابن أمية الضمرى هو هذا : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى النجاشى ملك الحبشة. سلم أنت ، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن
__________________
(١) راجع : صحيح البخاري (٢ / ١٨٤ ، ١٨٥) ، صحيح مسلم (٣ / ٥٤ ، ٥ / ١١٦) ، دلائل النبوة للبيهقى (٤ / ٤١٠ ، ٤١٢) ، تاريخ الطبرى (٣ / ٦٤٤ / ٦٥٢ ، ٦٥٤) ، المصباح المضيء لابن حديدة (٢ / ١٧ ، ٧٥) ، الأسماء المبهمة للخطيب البغدادى (٢١ ، ٢٢).