قال : ثم أراد عمرو أن يوجه إلى المغرب ، فكتب إلى عمر بن الخطاب : إن الله ، عزوجل ، قد فتح علينا أطرابلس ، وليس بينها وبين إفريقية إلا تسعة أيام ، فإن رأى أمير المؤمنين أن نغزوها ويفتحها الله على يديه فعل.
فكتب إليه عمر : لا ، إنها ليست بإفريقية ، ولكنها المفرقة ، غادرة مغدور بها ، لا يغزوها أحد ما بقيت.
قال : وأتى عمرو بن العاص كتاب المقوقس ، يذكر له أن الروم يريدون نكث العهد ونقض ما كان بينهم وبينه ، وكان عمرو قد عاهد المقوقس على أن لا يكتمه أمرا يحدث ، فانصرف عمرو راجعا مبادرا لما أتاه.
قال : وقد كان عمرو يبعث الجريدة من الخيل فيصيبون الغنائم ثم يرجعون ، يعنى من أطراف إفريقية.
ذكر انتقاض الإسكندرية فى خلافة
عثمان رضياللهعنه(١)
قال عبد الرحمن بن عبد الحكم : وفى سنة خمس وعشرين عزل عثمان بن عفان عمرو ابن العاص عن مصر ، وولى عبد الله بن سعد (٢). وقد كانت الإسكندرية انتقضت ، وجاءت الروم عليهم منويل الخصى فى المراكب حتى أرسوا بالإسكندرية ، فأجابهم من بها من الروم ، ولم يكن المقوقس تحرك ولا نكث ، فلما نزلت الروم بالإسكندرية سأل أهل مصر عثمان ، رضياللهعنه ، أن يقر عمرا حتى يفرغ من قتال الروم ، فإن له معرفة فى الحرب وهيبة فى العدو ، ففعل.
فخرج إليهم عمرو فى البر والبحر ، وضوى إلى المقوقس من أطاعه من القبط. فأما الروم فلم يطعه منهم أحد. فقال خارجة بن حذافة لعمرو : ناهضهم قبل أن يكثر مددهم ولا آمن أن تنتقض مصر كلها. قال عمرو : لا ، ولكن دعهم حتى يسيروا إلىّ ، فإنهم يصيبون من مروا به فيجزى الله بعضهم ببعض ، فخرجوا من الإسكندرية ومعهم من نقض من أهل القرى ، فجعلوا ينزلون القرية فيشربون خمورها ، ويأكلون أطعمتها ،
__________________
(١) الخبر منقول عن ابن عبد الحكم فى فتوح مصر وأخبارها (ص ١٧٤ ـ ١٩١).
(٢) هو : عبد الله بن سعد العامرى. انظر ترجمته فى : الثقات (٣ / ٢١٣) ، التاريخ الصغير (١ / ٨٤) ، البداية والنهاية (٥ / ٣٥٠) ، الإصابة ترجمة رقم (٤٧٢٩) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٢٩٧٦).