حفص ، والله لو علمت أن أخى صار حيث صار أخوك ما رثيته ، فقال عمر : ما عزانى أحد عن أخى بمثل تعزيته.
قصة مسيلمة الكذاب وردة أهل اليمامة (١)
عن رافع بن خديج قال : قدمت على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وفود العرب ، فلم يقدم علينا وفد أقسى قلوبا ولا أحرى أن يكون الإسلام لم يقر فى قلوبهم من بنى حنيفة.
وقد تقدم ذكر قدوم مسيلمة فى قومه ، وأنه ذكر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «أما أنه ليس بشركم مكانا ، لما كانوا أخبروه به من أنهم تركوه فى رحالهم حافظا لها» (٢).
ويروى من حديث ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ذكر له مسيلمة ، قال عند ما قدم فى قومه : لو جعل لى محمد الخلافة من بعده لاتبعته ، فجاءه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، معه ثابت بن قيس بن شماس ، وفى يد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ميتخة من نخل فوقف عليه ، ثم قال : «لئن أقبلت ليفعلن الله بك ، ولئن أدبرت ليقطعن الله دابرك ، وما أراك إلا الذي رأيت فيه ما رأيت ، ولئن سألتنى هذه الشظية ، لشظية من الميتخة التي فى يده ، ما أعطيتكها ، وهذا ثابت يجيبك».
قال ابن عباس : فسألت أبا هريرة عن قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : ما أراك إلا الذي رأيت فيه ما رأيت ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : «بينا أنا نائم ، رأيت فى يدى سوارين من ذهب ، فنفختهما فطارا ، فوقع أحدهما باليمامة ، والآخر باليمن ، قيل : ما أولتهما يا رسول الله؟ قال : أولتهما كذابين يخرجان من بعدى» (٣).
ولما انصرف فى قومه إلى اليمامة ، ارتد عدو الله ، وادعى الشركة فى النبوة مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقال للوفد الذين كانوا معه : «ألم يقل لكم حين ذكرتمونى له : أما أنه ليس بشركم مكانا ، ما ذاك إلا لما علم أنى أشركت فى الأمر معه» ، وكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد ، فإنى قد أشركت فى الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ، ولكن قريشا قوم يعتدون.
__________________
(١) راجع : المنتظم (٤ / ٧٩ ـ ٨٣) ، تاريخ الطبرى (٣ / ٢٨٠ ـ ٢٨١).
(٢) انظر الحديث فى : فتح البارى لابن حجر (٧ / ٦٩١) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (١ / ٣١٧).
(٣) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (٥ / ٢١٧ ، ٩ / ٥٢) ، مسند الإمام أحمد (١ / ٢٦٣) ، البداية والنهاية لابن كثير (٥ / ٥٠) ، فتح البارى لابن حجر (١٢ / ٤٢٠).