وكان خالد وجنده هم جند المسلمين ، وكتيبة الإسلام ، بهم فض الله أهل فارس ورعبهم ، وما زالت بعدها مرعوبة منتشرة لم يأتوا فى وقعة بمثل ذلك الجد والصبر إلى أن فارقهم خالد إلى الشام.
وبلغت قتلاهم يوم أليس سبعين ألفا جلهم من أمغيشيا ، وفى ذلك يقول الأسود بن قطبة :
قتلنا منهم سبعين ألفا |
|
بقية خربهم غبّ الإسار |
سوى من ليس يحصى من قتيل |
|
ومن قد غال جولان الغبار |
وقال خالد بن الوليد لما افتتح الحيرة : لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع فى يدى تسعة أسياف ، وما لقيت قوما كقوم لقيتهم من أهل فارس ، وما لقيت من أهل فارس قوما كأهل أليس.
حديث أمغيشيا وكيف أفاءها الله بغير
قتال (١)
ولما فرغ خالد من وقعة أليس ، نهض فأتى على أمغيشيا وقد أعجلهم عما فيها ، وقد جلا أهلها ، وتفرقوا فى السواد ، فأمر خالد بهدمها وهدم كل شيء كان فى حيزها وكانت مصرا كالحيرة ؛ وكان فرات بادقلى ينتهى إليها ، وكان أليس من مسالحها ، فأصابوا فيها ما لم يصيبوا قط قبله مثله.
وبلغ سهم الفارس ألفا وخمسمائة ، سوى الأنفال التي نفلها أهل البلاء.
ولما بلغ ذلك أبا بكر قال : يا معشر قريش ، عدا أسدكم على الأسد فغلبه على خراذيله ، أعجز النساء أن ينسأن بمثل خالد.
حديث يوم المقر وفم فرات بادقلى مع ما يتصل
به من حديث الحيرة (٢)
ذكر أن الآزادبه كان مرزبان الحيرة من زمان كسرى إلى ذلك اليوم ، وكانوا لا يمد
__________________
(١) انظر : الطبرى (٣ / ٣٥٨ ، ٣٥٩) ، الروض المعطار (ص ٣١).
(٢) انظر : الطبرى (٣ / ٣٥٩ ـ ٣٧٣) ، الكامل لابن الأثير (٣ / ٢٦٥ ـ ٢٦٨) ، نهاية الأرب للنويرى (١٩ / ١١١ ، ١١٢) ، البداية والنهاية لابن كثير (٦ / ٣٤٧ ، ٣٤٨).