قال بلال : رأيت فى منامى كأن سالما مولى أبى حذيفة قال لى ونحن منحدرون من اليمامة إلى المدينة : إن درعى مع الرفقة الذين معهم الفرس الأبلق ، تحت قدرهم ، فإذا أصبحت فخذها من تحت قدرهم ، فاذهب بها إلى أهلى ، وإن علىّ شيئا من دين ، فمرهم يقضونه ، قال بلال : فأقبلت إلى تلك الرفقة ، وقدرهم على النار ، فألفيتها وأخذت الدرع ، وجئت أبا بكر فحدثته الحديث ، فقال : نصدق قولك ، ونقضى دينه الذي قلت.
وقتل الله من بنى حنيفة يوم اليمامة عددا كثيرا ، ففى كتاب يعقوب الزهرى أنه قتل منهم أكثر من سبعة آلاف ، وعن غيره أنه أصيب يومئذ من صليب بنى حنيفة سبعمائة مقاتل ، وكان داؤهم خبيثا ، والطارئ منهم على الإسلام عظيما ، فاستأصل الله تعالى شأفتهم ، ورد ألفة الإسلام على ما كانت عليه على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ذكر ردة بنى سليم
ذكر الواقدى من حديث سفيان بن أبى العوجاء السلمى ، قال : وكان عالما بردة قومه ، مع أنه كان من وعاة العلم ، وممن يوثق به فى الدين ، قال : أهدى ملك من ملوك غسان إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، لطيمة فيها مسك وعنبر ، وخيل ، فخرجت بها الرسل حتى إذا كانوا بأرض بنى سليم ، بلغتهم وفاة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فتشجع بعض بنى سليم على أخذها والردة ، وأبى بعضهم من ذلك ، وقالوا : إن كان محمد قد مات ، فإن الله حى لا يموت ، وكان الذين ارتدوا منهم عصية وبنو عميرة وبنو عوف ، وبعض بنى جارية ، والذين انتهبوا اللطيمة فتمزقوها ، بنو الحكم بن مالك بن خالد بن الشريد.
فلما ولى أبو بكر كتب إلى معن بن حاجز (١) فاستعمله على من أسلم من بنى سليم ، وكان قد قام فى ذلك قياما حسنا ، ذكر وفاة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وذكر الناس ما قال الله لنبيه عليهالسلام : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠] ، وقال : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) الآية [آل عمران : ١٤٤] والتي قبلها ، مع آى من كتاب الله ، فاجتمع إليه بشر كثير من بنى سليم ، وانحاز أهل الردة منهم فجعلوا يغيرون على الناس ، ويقطعون السبيل ، فلما بدى لأبى بكر أن يوجه خالد بن الوليد إلى الضاحية ، كتب إلى معين بن حاجز أن يلحق بخالد بن الوليد هو ومن معه من المسلمين ، ويستعمل
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٢٤٩٩) ، الإصابة الترجمة رقم (٨٤٧٣) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٢٤٩٩).