على عمله طريفة بن حاجز ، ففعل ، وأقام طريفة يكالب من ارتد بمن معه من المسلمين ، يغير عليهم ويغيرون عليه ، إذ قدم الفجاءة ، وهو إياس بن عبد الله بن عبد ياليل بن عمير ابن خفاف ، على أبى بكر الصديق ، فقال : يا أبا بكر ، إنى مسلم ، وقد أردت جهاد من ارتد من الكفار ، فاحملنى وأعنى ، فإنه لو كان عندى قوة لم أقدم عليك ، ولكنى مضعف من الظهر والسلاح ، فسر أبو بكر بمقدمه ، فحمله على ثلاثين بعيرا ، وأعطاه سلاح ثلاثين رجلا ، فخرج يستعرض المسلم والكافر ، فيأخذ أموالهم ، ويصيب من امتنع مع قوم من أهل الردة قد تبعوه على ذلك ، لقد أغار على قوم بالأرحضية مسلمين ، جاءوا يريدون أبا بكر ، فسلبهم وقتلهم ، ومعه رجل من بنى الشريد ، يقال له : نجبة بن أبى المثنى.
فلما بلغ أبا بكر خبره وما صنع ، كتب إلى طريفة بن حاجز : بسم الله الرحمن الرحيم ، من أبى بكر خليفة رسول الله إلى طريفة بن حاجز ، سلام عليك ، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، وأسأله أن يصلى على محمد صلىاللهعليهوسلم أما بعد ، فإن عدو الله الفجاءة أتانى ، فزعم أنه مسلم ، وسألنى أن أقويه على قتال من ارتد عن الإسلام ، فقويته ، وقد انتهى إلى الخبر اليقين أنه قد استعرض المسلم والمرتد ، يأخذ أموالهم ، ويقتل من امتنع منهم ، فسر إليه بمن معك من المسلمين حتى تقتله أو تأسره ، فتأتينى به فى وثاق إن شاء الله ، والسلام عليك ورحمة الله.
فقرأ طريفة كتاب أبى بكر على قومه المسلمين ، فحشدوا ، وساروا معه إلى الفجاءة ، فقدم إليهم نجبة بن أبى المثنى ، فناوش المسلمين ، وقتل نجبة ، وهرب من كان معه إلى الفجاءة ، ثم زحف طريفة إلى الفجاءة ، فتصادما ، وجعل المسلمون يرمون بالنبل ، ورمى أصحاب الفجاءة شيئا وهم منكسرون لما يرون من انكسار الفجاءة وندامته ، فقال : يا طريفة (١) والله ما كفرت ، وإنى لمسلم ، وما أنت بأولى بأبى بكر منى ، أنت أميره وأنا أميره ، قال طريفة : فإن كنت صادقا ، فألق السلاح ، ثم انطلق إلى أبى بكر فأخبره خبرك ، فوضع الفجاءة السلاح ، وأوثقه طريفة فى جامعة ، فقال طريفة : لا تفعل ، فإنك إن أقدمتنى فى وثاق أشعرتنى ، فقال طريفة : هذا كتاب أبى بكر إلى : أن ابعثك إليه فى وثاق ، فقال الفجاءة : سمعا وطاعة ، فبعث به فى جامعة مع عشرة من بنى سليم ، فأرسل به أبو بكر رضياللهعنه ، إلى بنى جشم ، فحرقه بالنار.
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (١٣٠٨) ، الإصابة الترجمة رقم (٤٢٦٣) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٢٦٠٥).