وقدم على أبى بكر رضياللهعنه ، قبيصة ، أحد بنى الضربان ، من بنى خفاف ، فذكر أن مسلم ، وأنه قومه لم يرتدوا ، فأمره أبو بكر أن يقاتل بمن معه من سليم على الإسلام من ارتد عنه منهم ، فرجع قبيصة إلى قومه ، فاجتمع إليه ناس كثير ممن ثبت على الإسلام ، فخرج يتبع بهم أهل الردة يقتلهم حيث وجدهم ، حتى مر ببيت خميصة بن الحكم الشريدى ، فوجده غائبا يجمع أهل الردة ، ووجد جارا له مرتدا ، فقتله ، واستاق ماله ومضى حتى نزل منزلا ، فذبح أصحابه شاة من غنم جار خميصة ، ثم راحوا ، ويقبل خميصة حتى أتى أهله ، فيخبروه خبر جاره ، فخرج فى طلب القوم حتى مر بمنزلهم حيث ذبحوا الشاة ، فيجد رأسها مملولا ، قد تركه القوم ، فأخذه ، فجعل ينهش منه ، وهو يطلبهم فأدركهم وهو ينهشه والدم يسيل على لحيته ، وكان رجلا أيدا ، فقال لقبيصة : قتلت جارى؟ قال : إن جارك ارتد عن الإسلام ، قال : فاردد ماله ، فرد قبيصة ماله ، فقال : وفقد الشاة التي ذبحوا ، فقال : أين الشاة التي ذبحت؟ فقال : لا سبيل إليها ، قد أكلها القوم وهم مستحقون لذلك فى طلب قوم كفروا بعد إسلامهم ، فقال : يا قبيصة ، أمن بين من كفر تعدو على جار لجأ إلى لأمنعه؟ فقال قبيصة : قد كان ذلك فاصنع ما أنت صانع ، فطعن قبيصة بالرمح ، فوقع فى واسط الرحل ، فدقه وانثنى سنان الرمح ، وخر قبيصة عن بعيره ، فقال لخميصة : إنك قد أشويتنى ، فاكفف ، فعدل خميصة سنان رمحه بين حجرين ثم شد على قبيصة ، وهو يقول : أكفف بعد قتل جارى ، لا والله أبدا ، فطعنه بالرمح فقتله وكان قبيصة قد فرق أصحابه ، وبثهم قبل أن يلحقه خميصة.
وكتب أبو بكر رحمهالله ، إلى خالد بن الوليد : أما بعد ، فإن أظفرك الله ببنى حنيفة ، فأقل اللبث فيهم حتى تنحدر إلى بنى سليم فتطؤهم وطأة يعرفون بها ما منعوا ، فإنه ليس بطن من العرب أنا أغيظ عليه منى عليهم ، قدم قادمهم يذكر إسلاما ويريد أن أعينه ، فأعنته بالظهر والسلاح ، ثم جعل يعترض الناس ، فإن أظفرك الله بهم فلا ألومك فيهم ، فى أن تحرقهم بالنار ، وتهول فيهم بالقتل ، حتى يكون نكالا لهم.
قالوا : فجعل خالد بن الوليد يبعث الطلائع أمامه ، وسمعت بنو سليم بمقبل خالد ، فاجتمع منهم بشر كثير يعرضون لهم ، وجلهم بنو عصية ، واستجلبوا من بقى من العرب مرتدا ، وكان الذي جمعهم أبو شجرة بن عبد العزى ، فانتهى خالد إلى جمعهم بالجواء مع الصبح ، فصاح خالد فى أصحابه ، وأمرهم بلبس السلاح ، ثم صفهم ، وصفت بنو سليم ، وقد كل المسلمون وعجف كراعهم ، وخفهم ، وجعل خالد يلى القتال بنفسه ، حتى أثخن فيهم القتل ، ثم حمل عليهم حملة واحدة ، فهربوا ، وأسر منهم بشر كثير ، فجعل