ذكر تقديم خالد بن الوليد الطلائع أمامه من البطاح (١)
قالوا : ولما سار خالد بن الوليد من البطاح ، ووقع فى أرض بنى تميم ، قدم أمامه مائتى فارس عليهم معن بن عدى العجلانى ، وبعث معه فرات بن حيان العجلى دليلا ، وقدم عينين له أمامه ، مكنف بن زيد الخيل الطائى ، وأخاه.
وذكر الواقدى : أن خالدا لما نزل العارض ، قدم مائتى فارس ، وقال : من أصبتم من الناس فخذوه ، فانطلقوا حتى أخذوا مجاعة بن مرارة الحنفى فى ثلاثة وعشرين رجلا من قومه قد خرجوا فى طلب رجل من بنى نمير أصاب فيهم دما ، فخرجوا وهم لا يشعرون بمقبل خالد ، فسألوهم : ممن أنتم؟ قالوا : من بنى حنيفة ، فظن المسلمون أنهم رسل من مسيلمة إلى خالد ، فلما أصبحوا وتلاحق الناس ، جاءوا بهم إلى خالد ، فلما رآهم ظن أيضا ، أنهم رسل من مسيلمة ، فقال : ما تقولون يا بنى حنيفة فى صاحبكم؟ فشهدوا أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال لمجاعة : ما تقول أنت؟ فقال : والله ما خرجت إلا فى طلب رجل من بنى نمير أصاب فينا دما ، وما كنت أقرب مسيلمة ، ولقد قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأسلمت ، وما غيرت ولا بدلت ، فقدم القوم ، فضرب أعناقهم على دم واحد ، حتى إذا بقى سارية بن مسيلمة بن عامر قال : يا خالد ، إن كنت تريد بأهل اليمامة خيرا أو شرا فاستبق هذا ، يعنى مجاعة (٢) ، فإنه لك عون على حربك وسلمك.
وكان مجاعة شريفا ، فلم يقتله ، وأعجب بسارية وكلامه ، فتركه أيضا ، وأمر بهما فأوثقا فى جوامع حديد ، وكان يدعو مجاعة وهو كذلك فيتحدث معه ، ومجاعة يظن أن خالدا يقتله ، فبينما هما يتحدثان ، قال له : يا ابن المغيرة ، إن لى إسلاما ، والله ما كفرت ، ولقد قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فخرجت من عنده مسلما ، وما خرجت لقتال ، وأعاد ذكر خروجه فى طلب النميرى ، فقال خالد : إن بين القتل والترك منزلة ، وهى الحبس حتى يقضى الله فى حربنا ما هو قاض ، ودفعه إلى أم متمم امرأته التي تزوجها لما قتل زوجها مالك بن نويرة وأمرها أن تحسن إساره ، فظن مجاعة أن خالدا يريد حبسه لأن يشير عليه ويخبره عن عدوه ، فقال : يا خالد ، إنه من خاف يومك خاف غدك ، ومن
__________________
(١) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٤ / ٧٨ ـ ٧٩) ، تاريخ الطبرى (٣ / ٢٧٦) ، الأغانى (١٥ / ٢٢٩ ـ ٣٠٢).
(٢) هو : مجاعة بن مرارة اليمامى. انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٢٥٤٥) ، الإصابة الترجمة رقم (٧٧٣٨) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٤٩٧١) ، تهذيب الكمال (٣ / ١٣٠٤) ، تقريب التهذيب (٢ / ٢٢٩) ، تجريد أسماء الصحابة (٢ / ٥١).