ذكر توجه عبد الله بن حذافة إلى كسرى
بكتاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم وما كان من خبره معه (١)
وكسرى هذا هو أبرويز بن هرمز ، أنو شروان ، ومعنى أبرويز : المظفر ، فيما ذكره المسعودى ، وهو الذي كان غلب الروم ، فأنزل الله فى قصتهم : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) [١ ـ ٣ : الروم] ، وأدنى الأرض فيما ذكر الطبرى هى بصرى وفلسطين ، وأذرعات من أرض الشام.
وذكر الواقدى من حديث الشفاء بنت عبد الله ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث عبد الله بن حذافة السهمى منصرفه من الحديبية إلى كسرى ، وبعث معه كتابا مختوما فيه :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، ادعوك بداعية الله ، فإنى أنا رسول الله إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حيا ، ويحق القول على الكافرين ، أسلم تسلم ، فإن أبيت ، فعليك إثم المجوس». قال عبد الله بن حذافة ، فانتهيت إلى بابه ، فطلبت الإذن عليه حتى وصلت إليه ، فدفعت إليه كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرئ عليه ، فأخذه ومزقه ، فلما بلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «مزق ملكه» (٢).
وذكر أبو رفاعة ، وثيمة بن موسى بن الفرات ، قال : لما قدم عبد الله بن حذافة على كسرى قال : يا معشر الفرس ، إنكم عشتم بأحلامكم لعدة أيامكم بغير نبى ولا كتاب ، ولا تملك من الأرض إلا ما فى يديك ، وما لا تملك منها أكثر ، وقد ملك الأرض قبلك ملوك أهل الدنيا وأهل الآخرة ، فأخذ أهل الآخرة بحظهم من الدنيا ، وضيع أهل الدنيا حظهم من الآخرة ، فاختلفوا فى سعى الدنيا واستووا فى عدل الآخرة ، وقد صغر هذا الأمر عندك ، أنا أتيناك به ، وقد والله جاءك من حيث خفت ، وما تصغيرك إياه بالذى يدفعه عنك ، ولا تكذيبك به بالذى يخرجك منه ، وفى وقعة ذى قار على ذلك دليل. فأخذ الكتاب فمزقه ، ثم قال : لى ملك هنى ، لا أخشى أن أغلب عليه ، ولا أشارك فيه ،
__________________
(١) راجع : صحيح البخاري (٤ / ١١٩) ، تاريخ الطبرى (٣ / ٦٤٤ ، ٦٥٤ ، ٦٥٧) ، دلائل النبوة لأبى نعيم (٣٤٨ ، ٣٥١) ، دلائل النبوة للبيهقى (٤ / ٣٨٧ ، ٣٩٢) ، المصباح المضيء (٢ / ١٨٠ ، ٢٢٧) ، أعلام النبوة للماوردى (٩٧ ، ٩٨).
(٢) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٦ / ٣٤٤).