الخروج إلى أرض المسلمين ، وعليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوهم من الروم إليهم ، وعلى أن يطرق إمام المسلمين عليهم منهم.
وذكر الواقدى (١) ، أيضا ، مصالحة معاوية أهل قبرس فى ولاية عثمان ، رحمهالله ، وأن فى العهد الذي بيننا وبينهم ألا يتزوجوا فى عدونا من الروم إلا بإذننا.
قال : وفى هذه السنة ، يعنى سنة ثمان وعشرين ، غزا حبيب بن مسلمة سورية من أرض الروم.
غزوة ذات الصوارى(٢)
ذكر الواقدى (٣) أن أهل الشام خرجوا ، وعليهم معاوية بن أبى سفيان ، وعلى أهل البحر عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، وخرج عامئذ قسطنطين بن هرقل لما أصاب المسلمون منهم بإفريقية ، فخرجوا فى جمع لم ير الروم مثله قط منذ كان الإسلام ، فخرجوا فى خمسمائة مركب ، فالتقوا هم وعبد الله بن سعد ، فأمن بعضهم بعضا حتى قرنوا بين سفن المسلمين وأهل الشرك.
قال مالك بن أوس بن الحدثان (٤) : كنت معهم ، فالتقينا فى البحر ، فنظرنا إلى مراكب ما رأينا مثلها قط ، وكانت الريح علينا ، فأرسينا ساعة ، وأرسوا قريبا منا وسكنت الريح عنا ، فقلنا : الأمن بيننا وبينكم. قالوا : ذلك لكم منا ولنا منكم. قلنا : إن أحببتم فالساحل حتى يموت الأعجل ، وإن شئتم فالبحر ، فنخروا نخرة واحدة ، وقالوا : الماء فدنونا منهم ، فربطنا السفن بعضها ببعض ، حتى كنا بحيث يضرب بعضنا بعضا ، فقاتلنا أشد القتال ، ووثب الرجال على الرجال يضطربون بالسيوف ويتواجئون بالخناجر ، حتى رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الأمواج ، وطرحت الأمواج جثث الرجال ركاما.
وقال بعض من حضر ذلك اليوم ، أيضا : رأيت الساحل وإن عليه لمثل الظرب العظيم من جثث الرجال ، وإن الدم للغالب على الماء.
__________________
(١) انظر : تاريخ الرسل والملوك للطبرى (٤ / ٢٦٣).
(٢) انظر : تاريخ الطبرى (٤ / ٢٨٨) ، المنتظم لابن الجوزى (٥ / ١٢).
(٣) انظر : تاريخ الرسل والملوك للطبرى (٤ / ٢٩٠).
(٤) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (٧٦١١) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٤٥٦٥) ، طبقات ابن سعد (٥ / ٥٦) ، المعارف (٤٢٧) ، الجرح والتعديل (٤ / ٢٠٣) ، تاريخ ابن عساكر (٨٤١٦) ، تهذيب الأسماء واللغات (١ / ٢ / ٧٩) ، تهذيب التهذيب (١٠ / ١٠) ، شذرات الذهب (١ / ٩٩).