قال الرجل : وتبعته حين خرج ، فقلت : أحق ما أخبرت ذا التاج؟ قال : نعم والله ، فاتبعه ، قال : فرجعت إلى أهلى فتكلفت الشخوص إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقدمت عليه مسلما ، فأخبرته بكل ما كان ، فحمد الله الذي هدانى.
ولم يسم فى حديث الواقدى هذا الرجل ، إلا أن فيه أنه كان من طيئ ، ثم من بنى نبهان.
وقد تقدم صدر هذا الكتاب أن عامر بن سلمة من بنى حنيفة رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاثة أعوام ولاء فى الموسم بعكاظ وبمجنة وبذى المجاز يعرض نفسه على قبائل العرب ، يدعوهم إلى الله وإلى أن ينصروه ، حتى يبلغ عن الله فلا يستجيب له أحد ، وإن هوذة بن على سأل عامرا بعد انصرافه عن الموسم إلى اليمامة فى أول عام عن ما كان فى موسمهم من خبر ، فأخبره خبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنه رجل من قريش ، فسأله هوذة : من أى قريش هو؟ فقال له عامر : من أوسطهم نسبا ، من بنى عبد المطلب ، قال هوذة : أهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب؟ فقال : هو هو ، فقال هوذة : أما إن أمره سيظهر على ما هاهنا وغير ما هاهنا. ثم ذكر تكرر سؤال هوذة له عنه حتى ذكر له فى السنة الثالثة أنه رآه وأمره قد أمر ، فقال له هوذة : هو الذي قلت لك ، ولو أنا اتبعناه لكان خيرا لنا ، ولكنا نضن بملكنا.
وأخبر عامر بذلك كله سليط بن عمرو ، وقد مر به منصرفا عن هوذة إذ بعثه إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلم يسلم وأسلم عامر آخر حياة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ومات هوذة كافرا على نصرانيته.
ذكر كتاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى الحارث بن
أبى شمر الغسانى مع شجاع بن وهب (١)
ذكر الواقدى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث شجاعا إلى الحارث بن أبى شمر ، وهو بغوطة دمشق ، فكتب إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرجعه من الحديبية :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى الحارث بن أبى شمر ، سلام على
__________________
(١) راجع : تاريخ الطبرى (٣ / ٦٤٤ ، ٦٥٢) ، الروض الأنف للسهيلى (٤ / ٢٥ ، ٢٥١) ، المصباح المضيء لابن حديدة (٢ / ٣١٤ ، ٣١٦) ، تاريخ اليعقوبى (٢ / ٧٨).