وإن كان إسلامه لا بأس به ، وكان إذا ذكر عمر ترحم عليه ، ويقول : ما رأيت أحدا أهيب من عمر بن الخطاب.
وقال أبو شجرة فيما كان من ذلك :
ضن علينا أبو حفص بنائله |
|
وكل مختبط يوما له ورق |
ما زال يرهقنى حتى خذيت له |
|
وحال من دون بعض البغية الشفق |
لما لقيت أبا حفص وشرطته |
|
والشيخ يقرع أحيانا فينحمق |
ثم ارعويت إلى وجناء كاشرة |
|
مثل الطريرة لم يثبت لها الأفق |
أقبلت الخيل من شوران صادرة |
|
أنى لأزرى عليها وهى تنطلق |
تطير مروا خطاها عن مناسمها |
|
كما ينقر عند الجهبذ الورق |
إذا يعارضها خرق تعارضه |
|
ورهاء فيها إذا استعجلتها خرق |
ينوء آخرها منها وأولها |
|
سرح اليدين معا نهاضة فتق |
وفى حديث هشام بن عروة عن أبيه : أن لقاء أبى شجرة عمر كان على غير ما تقدم ، وأن أبا شجرة قدم المدينة ، فأدخل راحلته بعض دورها ، ودخل المسجد متنكرا ، فاضطجع فيه ، وكان عمر رضياللهعنه ، قل شيء يظنه إلا كان حقا ، فبينا عمر جالسا فى أصحابه ، وأبو شجرة مضطجع ، قال عمر : إنى لأرى هذا أبا شجرة ، فقام حتى وقف عليه ، فقال : من أنت؟ قال : رجل من بنى سليم ، قال : انتسب ، قال : فلان بن عبد العزى ، قال : ما كنيتك؟ قال : أبو شجرة ، فعلاه بالدرة.
ثم ذكر من تقريره على قوله : فرويت رمحى البيت ، نحوا مما تقدم.
ردة البحرين (١)
حدث يعقوب الزهرى عن إسحاق بن يحيى ، عن عمه عيسى بن طلحة ، قال : لما ارتدت العرب بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال صاحب المدائن : من يكفينى أمر العرب ، فقد مات صاحبهم وهم الآن يختلفون بينهم ، إلا أن يريد الله بقاء ملكهم فيجتمعوا على أفضلهم ، فإنهم إن فعلوا صلح أمرهم ، وبقى ملكهم ، وأخرجوا العجم من أرضهم ، قالوا : نحن بذلك على أكمل الرجال ، قال : من؟ قالوا : مخارق بن النعمان ، ليس فى الناس مثله ، وهو من أهل بيت قد دوخوا العرب ودانت لهم ، وهؤلاء جيرانك بكر بن وائل ، فأرسل
__________________
(١) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٤ / ٨٣ ـ ٨٥) ، تاريخ الطبرى (٣ / ٣٠١) ، الأغانى (١٥ / ٢٥٥).