فأسلم تسلم ويستعملك على قومك ، ولا تدخل عليك الخيل والرجال. قال : دعنى يومى هذا وارجع إلى غدا.
فرجعت إلى أخيه ، قال : يا عمرو ، إنى لأرجو أن يسلم إن لم يضن بملكه حتى إذا كان الغد أتيت إليه ، فأبى أن يأذن لى ، فانصرفت إلى أخيه ، فأخبرته أنى لم أصل إليه ، فأوصلنى إليه. فقال : إنى فكرت فيما دعوتنى إليه ، فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما فى يدى وهو لا تبلغ خيله هاهنا ، وإن بلغت خيله ألفت قتالا ليس كقتال من لاقى. قلت : فأنا خارج غدا ، فلما أيقن بمخرجى خلا به أخوه ، فقال : ما نحن فيما قد ظهر عليه ، وكل من أرسل إليه قد أجابه ، فأصبح ، فأرسل إلى ، فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعا ، وصدقا النبيّ صلىاللهعليهوسلم وخليا بينى وبين الصدقة ، وبين الحكم فيما بينهم ، وكانا لى عونا على من خالفنى (١).
وفى حديث غير الواقدى أن عمرا قال له فيما دار بينهما من الكلام : إنك وإن كنت منا بعيدا فإنك من الله غير بعيد ، إن الذي تفرد بخلقك أهل أن تفرده بعبادتك ، وأن لا تشرك به من لم يشركه فيك ، وأعلم أنه يميتك الذي أحياك ، ويعيدك الذي أبدأك ، فانظر فى هذا النبيّ الأمى الذي جاءنا بالدنيا والآخرة ، فإن كان يريد به أجرا فامنعه ، أو يميل به هوى فدعه ، ثم انظر فيما يجىء به ، هل يشبه ما يجىء به الناس؟ فإن كان يشبهه فسله العيان وتخير عليه فى الخبر ، وإن كان لا يشبهه فاقبل ما قال ، وخف ما وعد.
قال ابن الجلندى : إنه والله لقد دلنى على هذا النبيّ الأمى أنه لا يأمر بخير إلا كان أول من أخذ به ، ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له ، وأنه يغلب فلا يبطر ، ويغلب فلا يضجر ، وأنه يفى بالعهد ، وينجز الموعود ، وأنه لا يزال سر قد اطلع عليه يساوى فيه أهله ، وأشهد أنه نبى.
كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى
هوذة بن على مع سليط بن عمرو العامرى ، وما
كان من خبره معه (٢)
ولما بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم رسله إلى الملوك يدعوهم إلى الله ، بعث سليط بن عمرو إلى
__________________
(١) انظر التخريج السابق.
(٢) راجع : تاريخ الطبرى (٣ / ٦٤٤ ، ٦٤٥) ، المصباح المضيء لابن حديدة (٢ / ٣٥٤ ، ٣٥٩) ، تاريخ اليعقوبى (٢ / ٧٨).