هوذة بن على الحنفى صاحب اليمامة والمتوج بها وهو الذي يقول فيه الأعشى ، ميمون ابن قيس من كلمة :
إلى هوذة الوهاب أعلمت ناقتى |
|
أرجى عطاء فاضلا من عطائكا |
فلما أتت آطام جو وأهلها |
|
أنيخت وألقت رحلها بقبائكا |
وذكر الواقدى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كتب إلى هوذة مع سليط حين بعثه إليه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى هوذة بن على ، سلام على من اتبع الهدى ، واعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، وأجعل لك ما تحت يديك». فلما قدم عليه سليط بكتاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم مختوما أنزله وحياه ، واقترأ عليه الكتاب ، فرد ردا دون رد ، وكتب إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم : ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، وأنا شاعر قومى وخطيبهم ، والعرب تهاب مكانى فاجعل إلى بعض الأمر أتبعك.
وأجاز سليطا بجائزة ، وكساه أثوابا من نسج هجر ، فقدم بذلك كله على النبيّ صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، وقرأ النبيّ صلىاللهعليهوسلم كتابه ، وقال : «لو سألنى سبابة من الأرض ما فعلت ، باد وباد ما فى يده» ، فلما انصرف النبيّ صلىاللهعليهوسلم من الفتح جاءه جبريل عليهالسلام بأن هوذة مات ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ ، يقتل بعدى» ، فقال قائل : يا رسول الله ، فمن يقتله؟ فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنت وأصحابك» ، فكان من أمر مسيلمة وتكذبه ما كان ، وظهر المسلمون عليه فقتلوه ، وكان ذلك القاتل من قتله وفق ما قاله الصادق المصدوق صلوات الله وبركاته عليه.
وذكر وثيمة بن موسى أن سليط بن عمرو لما قدم على هوذة بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان كسرى قد توجه ، وقال له : يا هوذة ، إنه قد سودتك أعظم حائلة وأرواح فى النار ، وإنما السيد من متع الإيمان ثم زود التقوى ، إن قوما سعدوا برأيك ، فلا تشقين به ، وإنى آمرك بخير مأمور به ، وأنهاك عن شر منهى عنه ، آمرك بعبادة الله ، وأنهاك عن عبادة الشيطان ، فإن فى عبادة الله الجنة ، وفى عبادة الشيطان النار ، فإن قبلت نلت ما رجوت وأمنت ما خفت ، وإن أبيت فبيننا وبينك كشف الغطاء وهو المطلع.
فقال هوذة : يا سليط ، سودنى من لو سودك شرفت به ، وقد كان لى رأى اختبر به الأمور فقدته ، فموضعه من قلبى هواء ، فاجعل لى فسحة يرجع إلى رأيى فأجيبك به إن شاء الله (١).
__________________
(١) انظر التخريج السابق.