ولكى يستأذنه فى الاستعانة بمن قد ظهرت توبته من أهل الردة ممن يستطعمه الغزو ، وليخبره أنه لم يخلف أحدا أنشط إلى قتال فارس وحربها ومعونة المهاجرين منهم ، إذ كان أبو بكر ، رضياللهعنه ، قد منع من الاستعانة بهم رأسا ، وقال لأمرائه : لا تستعينوا فى حربكم بأحد ممن ارتد ، فإنى لم أكن لأستنصر بجيش فيهم أحد ممن ارتد ، وبالجزاء إن فعلت أن لا تنصروا.
وقال عروة بن الزبير : أمران يعرف بهما حال من شهد الفتوح ، من ذكر أن أبا بكر ، رضياللهعنه ، استعان فى حربه بأحد ممن ارتد فقد كذب ، وذكر من قول أبى بكر فى ذلك ما بدأنا به.
قال : ومن زعم أن عمر ، رضياللهعنه ، حين أذن لمن ارتد فى الجهاد أمر أحدا منهم فقد كذب ، وإنما تألف من تألف بالإمارة منهم عثمان بن عفان ، رضياللهعنه ، رجاء ما رجاه منهم عمر حين استعان بهم ، فمن قبلهم ابتدأت الفتنة ، وعلق عثمان ، رضياللهعنه ، عند الذي بدا منهم يتمثل بقول الأول :
وكنت وعمرا كالمسمّن كلبه |
|
فخدشه أنيابه وأظافره |
فقدم المثنى بن حارثة المدينة ، وأبو بكر مريض مرضه الذي توفاه الله تعالى ، منه ، وذلك بعد مخرج خالد إلى الشام ، وقد تقدم ذكر وفاة أبى بكر واستخلافه عمر ، رضياللهعنهما ، فى أول موضع احتيج إلى ذكر ذلك فيه من فتح الشام ، وتوفى أبو بكر وأحد شقى السواد فى سلطانه ، والجمهور من جند أهل العراق بالحيرة ، والمسالح بالسيب ، والغارات تنتهى بهم إلى شاطئ دجلة ، ودجلة حجاز بين العرب والعجم.
فهذا حديث العراق فى خلافة أبى بكر ، رضياللهعنه ، من مبتدئه إلى منتهاه.
ذكر ما كان من خبر العراق فى خلافة عمر بن الخطاب
رضياللهعنه ، وما كان من أمر المثنى بن حارثة معه ، وذكر
أبى عبيد بن مسعود ، على ما فى ذلك كله من الاختلاف بين
رواة الآثار (١)
ذكر سيف عن شيوخه قالوا : أول ما عمل به عمر ، رحمهالله ، أن ندب الناس مع
__________________
(١) انظر : الطبرى (٣ / ٤٤٤ ـ ٤٥٤) ، الأخبار الطوال للدينورى (ص ١١٣) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ٢٩٧ ـ ٣٠١) ، كنز الدرر للدوادارى (٣ / ١٩٣ ، ١٩٤) ، البداية والنهاية لابن كثير (٧ / ٢٦ ، ٢٧).