«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين»(١).
قال ابن إسحاق : وكان ذلك فى آخر سنة عشر (٢).
وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى : وقد قيل : إن دعوى مسيلمة ومن ادعى من الكذابين النبوة فى عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما كانت بعد انصرافه من حجة التمام ، ووقوعه فى المرض الذي توفاه الله فيه ، فالله تعالى أعلم.
ذكر حجة الوداع (٣)
وتسمى أيضا حجة التمام ، وحجة البلاغ
ولما دخل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذو القعدة من سنة عشر تجهز للحج ، وأمر الناس بالجهاز له ، وخرج لخمس ليال بقين من ذى القعدة ، وقد كان أذن فى الناس أنه خارج ، فقدم المدينة بشر كثير ، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلىاللهعليهوسلم ويعمل مثل عمله.
قال جابر بن عبد الله : فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة ، فصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى المسجد ، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصرى بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بين أظهرنا ، وعليه ينزل القرآن ، وهو يعرف تأويله ، وما عمل من شيء عملناه ، فأهل بالتوحيد : «لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» (٤).
__________________
(١) انظر الحديث فى : سنن البيهقي (٩ / ٢١١) ، مسند الإمام أحمد (٣٧٠٨) ، سنن أبى داود (٣ / ٢٧٦١).
(٢) انظر : السيرة (٤ / ٢٢٤).
(٣) عرفت باسم : حجة الوداع ؛ وذلك لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتسمى أيضا حجة الإسلام. انظر : لم يحج بعدها ، إذ بدأ به مرضه الذي توفاه الله فيه ، كما قيل : حجة البلاغ ؛ لأنه صلىاللهعليهوسلم أرى الناس مناسكهم وعلمهم حجهم ، وقيل : حجة الإسلام ؛ لأنه صلىاللهعليهوسلم لم يحج بعد أن فرض الحج فى الإسلام غيرها. راجع : طبقات ابن سعد (٢ / ١٧٢ ـ ١٨٩) ، المغازى للواقدى (٣ / ١٠٨٨ ـ ١١١٥) ، الثقات لابن حبان (٢ / ١٢٤ ـ ١٢٩).
(٤) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (٢ / ١٧٠ ، ٧ / ٢٠٩) ، صحيح مسلم كتاب الحج ، باب ـ