ودخل المسلمون دمشق ، وتم الصلح ، وجاء الجيش من قبل أنطاكية مددا لأهل دمشق ، فلما قدموا بعلبك أتاهم الخبر بأن دمشق قد افتتحت ، وكان عليهم در نجاران عظيمان ، كل درنجار على خمسة آلاف ، فكانوا عشرة آلاف ، فأقاموا وبعثوا إلى ملكهم يخبرونه بالمكان الذي هم فيه ، وبالخبر الذي بلغهم عن دمشق.
وذكر أبو جعفر الطبرى (١) أن شداد بن أوس هو الذي قدم الشام بوفاة أبى بكر ، ومعه محمية بن جزء ويرفأ ، فوجدوا المسلمين بالواقوصة يقاتلون عدوهم ، فتكتموا الخبر حتى ظفر المسلمون ، فعند ذلك أخبروا أبا عبيدة بوفاة أبى بكر ، وبولايته حرب الشام ، وعزل خالد.
وعن محمد بن إسحاق : أن المسلمين لما فرغوا من أجنادين ساروا إلى فحل من أرض الأردن ، وقد اجتمعت به رافضة الروم ، والمسلمين على أمرائهم ، فاقتتلوا فهزمت الروم ، ودخل المسلمون فحل ، ولحقت رافضة الروم بدمشق ، فسار المسلمون إلى دمشق ، وعلى مقدمة الناس خالد بن الوليد ، وقد اجتمعت الروم إلى رجل منهم يقال له باهان ، فالتقى المسلمون والروم حول دمشق فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم هزم الله الروم فدخلوا دمشق ، وجثم المسلمون عليها فرابطوها حتى فتحت ، وقد كان الكتاب قدم على أبى عبيدة بإمارته وعزل خالد ، فاستحيا أبو عبيدة أن يعلم خالدا حتى فتحت دمشق وجرى الصلح على يدى خالد ، وكتب الكتاب باسمه ، فبعد ذلك أظهر أبو عبيدة إمارته. فلما صالحت دمشق لحق باهان صاحب الروم بهرقل (٢).
وخالف سيف بن عمرو ما تقدم من المساق والتاريخ فى أمر دمشق ، فذكر على ما سيأتى أن وقعة اليرموك كانت فى سنة ثلاث عشرة ، وأن المسلمين ورد عليهم البريد بوفاة أبى بكر باليرموك فى اليوم الذي هزمت الروم فى آخره ، وأن عمر رحمهالله ، أمرهم بعد الفراغ من اليرموك بالمسير إلى دمشق. وزعم أن فحلا كانت بعد دمشق ، خلافا لما ذكره ابن إسحاق من أنها كانت قبلها ، وأن رافضة فحل هم الذين صاروا إلى دمشق (٣).
وأما الواقدى فزعم أن فتح دمشق كان سنة أربع عشرة ، وكذا قال ابن إسحاق ،
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبرى (٣ / ٤٣٤).
(٢) انظر : تاريخ الطبرى (٣ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥).
(٣) انظر : تاريخ الطبرى (٤ / ٤٣٥ ـ ٤٣٦).