به ما يقولون ، إلا ما كان من الأحنف بن قيس ، فإنه قال : يا أمير المؤمنين ، أخبرك أنك نهيتنا عن الانسياح فى البلاد ، وأمرتنا بالاقتصار على ما كان فى أيدينا ، وأن ملك فارس حى بين أظهرهم ، وأنهم لا يزالون يساجلوننا ما دام ملكهم فيهم ، ولم يجتمع ملكان فاتفقا حتى يخرج أحدهما صاحبه ، وقد رأيت أنا لم نأخذ شيئا بعد شيء إلا بانبعاثهم ، وأن ملكهم هو الذي يبعثهم ، ولا يزال هذا دأبهم حتى تأذن لنا فنسيح فى بلادهم حتى نزيله عن فارس ونخرجه من مملكته وعن أمته ، فهنالك ينقطع رجاء أهل فارس.
فقال : صدقتنى والله وشرحت لى الأمر عن حقه ، وأذن عمر عند ذلك فى الانسياح ، وانتهى إلى رأى الأحنف ، وعرف فضله وصدقه ، ورأى أن يزدجرد يبعث عليه فى كل عام حربا إن لم يأذن للناس فى الانسياح فى أرض العجم ، ورأى أن يزدجرد على ما كان فى يدى كسرى ، فوجه عمر ، رضياللهعنه ، الأمراء من أهل البصرة ومن أهل الكوفة ، وأمر على كلا المصرين أمراء ، أمرهم بأمره ، وأذن لهم فى الانسياح ، فانساحوا وبعث بألوية من ولى مع سهيل بن عدى حليف بنى عبد الأشهل ، فقدم سهيل البصرة بالألوية ، فدفع لواء خراسان إلى الأحنف بن قيس ، ولواء أردشير خره وسابور إلى مجاشع ابن مسعود السلمى ، ولواء اصطخر إلى عثمان بن أبى العاص ، ولواء فسا ودرابجرد إلى سارية بن زنيم الكنانى ، ولواء كرمان مع سهيل بن عدى ، ولواء سجستان إلى عاصم بن عمرو ، ولواء مكران إلى الحكم بن عمرو التغلبى ، فعسكروا ليخرجوا إلى هذه الكور ، وذلك فى سنة سبع عشرة فى بعض ما ذكره الطبرى عن سيف عن شيوخه. قالوا : فلم يستتب مسيرهم حتى دخلت سنة ثمان عشرة.
وذكر الطبرى أيضا ، عن سيف أن إذن عمر فى الانسياح إنما كان بعد فتح نهاوند ، وهذا لا يكون إلا فى سنة تسع عشرة أو بعدها ، على ما ذكرنا من الاختلاف فى فتح نهاوند.
وذكر أيضا أنه قدمت الألوية من عند عمر ، رحمهالله ، إلى نفر بالكوفة ، فقدم لواء منها على نعيم بن مقرن ، وأمره بالمسير نحو همدان ، وكان أهلها كفروا بعد الصلح الذي تقدم ذكره بعد هزيمة فارس بنهاوند ، وقال له : إن فتح الله عليك فما وراءك لك ، فى وجهك كذلك إلى خراسان ، وبعث عقبة بن فرقد وبكير بن عبد الله ، وعقد لهما على أذربيجان وفرقها بينهما ، وأمر أحدهما أن يأخذ إليها من حلوان على ميمنتها ، والآخر أن يأخذ إليها من الموصل على ميسرتها ، فتيامن هذا عن صاحبه ، وتياسر هذا ، وبعث إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان بلواء ، وأمره أن يسير إلى أصبهان ، وكان شجاعا بطلا ،