صلىاللهعليهوسلم ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لقد ذكر ملكا عظيما فى السماء يقال له : ذو النون ، وكان عيينة بن حصن قد قال له : لا أبا لك ، هل أنت مرينا بعض نبوتك ، فقد رأيت ورأينا ما كان يأتى محمدا ، قال : نعم ، فبعث عيونا له حيث سار خالد بن الوليد من المدينة مقبلا إليهم قبل أن يسمع بذكر خالد ، وقال : إن بعثتم فارسين على فرسين أغرين محجلين من بنى نصر بن قعين أتوكم من القوم بعين ، فهيئوا فارسين ، فبعثوهما ، فخرجا يركضان ، فلقيا عينا لخالد بن الوليد ، فقالا : ما وراءك؟ فقال : هذا خالد بن الوليد فى المسلمين ، قد أقبلوا ، فأتوا به إليه ، فزادهم فتنة ، وقال : ألم أقل لكم؟.
فلما أبى طليحة على خالد أن يقر بما دعاه إليه انصرف خالد إلى معسكره ، فاستعمل تلك الليلة على حرسه مكنف بن زيد الخيل ، وعدى بن حاتم ، وكان لهما صدق نية ودين ، فباتا يحرسان فى جماعة من المسلمين ، فلما كان فى السحر ، نهض خالد فعبأ أصحابه ، ووضع ألويته مواضعها ، ودفع اللواء الأعظم إلى زيد بن الخطاب ، فتقدم به ، وتقدم ثابت بن قيس بن شماس بلواء الأنصار ، وطلبت طيء لواء يعقد لها ، فعقد خالد لواء ودفعه إلى عدى بن حاتم ، فلما سمع طليحة حركة القوم عبأ أصحابه ، وجعل خالد يسوى الصفوف على رجليه ، وطليحة يسوى أصحابه على راحلته ، حتى إذا استوت الصفوف زحف بهم خالد حتى دنا من طليحة ، فلما انتهى إليه ، خرج إليه طليحة بأربعين غلاما جلداء من جنوده ، مردا ، فأقامهم فى الميمنة ، فقال : اضربوا حتى تأتوا الميسرة ، فتضعضع الناس ولم يقتل أحد ، ثم أقامهم فى الميسرة ففعلوا مثل ذلك ، وانهزم المسلمون ، فقال رجل من هوازن ، حضرهم يومئذ : إن خالدا لما كان ذلك قال : يا معشر الأنصار ، الله الله ، واقتحم وسط القوم ، وكر عليه أصحابه ، فاختلطت الصفوف ، واختلفت السيوف بينهم ، وضرس خالد فى القتال ، فجعل يقحم فرسه ويقولون له : الله الله ، فإنك أمير القوم ، ولا ينبغى لك أن تقدم ، فيقول : والله إنى لأعرف ما تقولون ، ولكنى والله ما رأيتنى أصبر ، وأخاف هزيمة المسلمين.
وفيما ذكر الكلبى عن بعض الطائيين : أنه نادى مناد من طيء ، يعنى عند ما حمل أولئك الأربعون غلاما على المسلمين : يا خالد ، عليك سلمى وأجأ فقال : بل إلى الله الملجأ ، قال : ثم حمل ، فو الله ما رجع حتى لم يبق من أولئك الأربعين رجل واحد ، وقاتل خالد يومئذ بسيفين ، حتى قطعهما ، وتراد الناس بعد الهزيمة ، واشتد القتال ، وأسر حبال ابن أبى حبال ، فأرادوا أن يبعثوا به إلى أبى بكر ، فقال : اضربوا عنقى ولا ترونى محمديكم هذا ، فضربوا عنقه.